للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

٢٥٢٥ - ولا يؤاتيك فيما ناب من حدث ... إلّا أخو ثقة فانظر بمن تثق (١)

قال أبو الفتح ابن جني في البيت الأول: أراد: فهلا عن التي جنبيك تدفع؛ فحذف «عن» وزادها بعد «التي» عوضا (٢)، وقال في قول الراجز: أراد: إن لم يجد من يتكل عليه؛ فحذف «عليه»، وزاد «على» قبل «من» عوضا (٣).

ويجوز عندي أن يعامل بهذه المعاملة «من، واللام، وإلى، وفي» قياسا على «عن، وعلى، والباء» فيقال: عرفت ممن عجبت، ولمن قلت، وإلى من أويت، وفي من رغبت، والأصل: عرفت من عجبت منه، ومن قلت له، ومن أويت إليه، ومن رغبت فيه؛ فحذف ما بعد «من» وزيد ما قبلها عوضا. انتهى كلامه رحمه الله تعالى (٤)، وقد ذكر لهذا الحرف الذي هو «عن» معاني سبعة كما رأيت.

والجماعة المغاربة لم يثبتوا من هذه المعاني سوى المجاوزة؛ مستندين لقول سيبويه:

وأما «عن» فلما عدا الشيء (٥)، قال ابن عصفور: ومعنى «عن» اسما كانت أو حرفا المجاوزة؛ ألا ترى أنك إذا قلت: أطعمته عن جوع؛ فالمعنى: جعلت الجوع مجاوزا له ومنصرفا عنه، وكذلك إذا قلت: سقيته عن العيمة (٦) وكسوته

عن العري؛ فقد جعلت العيمة والعري قد تراخيا عنه وجاوزاه، وكذلك أيضا قولك:

رميت عن القوس؛ لأنك قذفت سهمك عنها فجاوزها، وإذا قلت: جلست عن يمينه؛ فالمعنى: تراخيت عن يمينه وجاوزتها. وإذا قلت: أضربت عنه، وأعرضت عنه، فالمعنى: تراخيت عنه وجاوزته إلى غيره. وإذا قلت: أخذت عنه حديثا؛ فالمعنى: عدا إلى منه حديث (٧). انتهى.

وكلام الخضراوي (٨) قريب من كلامه وبمعناه، وكذا كلام ابن أبي الربيع (٩).

ولكنهم نقلوا عن الكوفيين (١٠) إثبات أربعة معان. وهي: معنى «على»، ومعنى «بعد»، -


(١) من البسيط لسالم بن وابصة وراجع: مجالس ثعلب (ص ٣٠٠)، والمغني (١/ ١٢٧) بحاشية الأمير، والهمع (٢/ ٢٢).
(٢) راجع الخصائص (٢/ ٣٠٥) والمحتسب (١/ ٢٨١)، والدرر (٢/ ١٥) والكشاف: أول سورة المزمل.
(٣) المصادر السابقة.
(٤) انظر: شرح التسهيل (٣/ ١٦٢).
(٥) الكتاب (٤/ ٢٢٦).
(٦) العيمة: شدة العطش إلى اللبن.
(٧) انظر: نظيره في شرح الجمل (١/ ٥١٣).
(٨) التذييل (٤/ ٢٢، ٢٣).
(٩) المصدر السابق.
(١٠) راجع التذييل (٤/ ٢٢، ٢٣، ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>