للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في «إلى»، هذا هو المشهور، وقيل: إنما يلزم ذلك في العاطفة، وقيل: هذا لازم لها حيث وقعت، وتخرج «حتى» إلى العطف وإلى الابتداء ولا يكون ذلك في «إلى». وقد شذت «حتى» عن حروف الجر بكل ما فارقت به «إلى»، وهي بذلك شاذة عن العوامل؛ لأن عامتها مختصة.

ثم ذكر مسألة فقال: قال أبو العباس: إذا قلت: أكلت السمكة حتى رأسها فالرأس قد دخل الأكل؛ لأن معناها عاملة

وعاطفة واحد. وقد قال غيره (١): إذا انتهى الأمر إليها، ولم يقع بها فهي جارة لا غير، وإذا وقع بها جاز الوجهان وهو موضع خلاف.

وقال أبو علي: من حيث هي غاية صحّ معنى الغاية فيها بالانتهاء دون مباشرة (٢) بها، ومذهب الفراء أن «حتى» يدخل ما بعدها في ما قبلها، ولا يدخل (٣).

واتفقوا في ما أعلم [على] أن العطف بها - في من يري أنها تعطف - لا يكون إلا في ما يصح فيه الجر فإن الجر أكثر وأقيس من العطف في ذلك إلا في باب:

ضربت القوم حتى زيدا ضربته؛ فالنصب عندهم أحسن في من ذكر هنا العطف، وجعل «ضربته» تأكيدا، ومن لم يجعل هنا عطف المفرد على المفرد فالنصب عنده أيضا أحسن، وأنها لا تعطف فعلا على فعل، وعلة ذلك عندي - والله تعالى أعلم - أنها في الأصل حرف جر نقلت إلى العطف فلذلك لم تدخل على الفعل كما لم يدخل عليه حرف الجر، ولذلك لزمها في العطف الشروط التي ذكرناها في الخفض مع تقدم ما يصح العطف عليه، ولذلك لا تعطف مضمرا على ظاهر، ولا مضمر، ولا يجوز: أكرمت القوم حتى إياك، ولا: قاموا هم حتى أنت؛ لأنها منقولة من الخافضة وهي لا تدخل على المضمر. ثم قال: فأما قولهم: سرت حتى إلى الليل؛ فـ «إلى» تأكيد زائدة كاللام في «يا ويح لزيد» عند البصريين وهو قول الفراء (٤)، وقد رأى الكسائي (٥) أن «حتى» هنا ابتدائية والجرّ بـ «إلى» على تقدير: سرت أخرى، وذكر عن الكسائي أن الجر بعد «حتى» لا يكون إلا بإضمار «إلى» (٦)، -


(١) ينظر التذييل (٤/ ٢٨، ٢٩).
(٢) المصدر السابق.
(٣) الارتشاف (ص ٧٤٤).
(٤) في كتاب الحدود - قاله أبو حيان التذييل (٤/ ٢٧).
(٥) علي بن حمزة الأسدي، إمام الكوفيين وأحد القراء السبعة. سبقت ترجمته.
(٦) التذييل (٤/ ٢٧، ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>