للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لأنك تريد: رأيت القوم رأيتهم حتى إخوتك. وزعم أن الخفض في قول الشاعر:

٢٥٦٩ - حتّى نعلّه ألقاها

إنما جاز؛ لأن الضمير عائد على الصحيفة، والصحيح أن الخفض والعطف جائزان، وإن كان الفعل عاملا في ضمير الاسم الواقع بعد «حتى» وتكون الجملة إذ ذاك تأكيدا معنويّا لا تأكيدا لفظيّا من جهة أنك إذا قلت: ضربت القوم حتى زيد، بخفض «زيد» ونصبه على أن يكون معطوفا على القوم؛ كان «زيد» شريكا للقوم في الضرب، فإذا قلت بعد ذلك: ضربته كنت مؤكدا لما اقتضاه معنى الكلام من أنك ضربت زيدا (١). انتهى كلام ابن عصفور.

ولم يتعرض إلى ما نبّه عليه ابن أبي الربيع من أن البصريين لا يجيزون أن يكون ما بعد «حتى» مرفوعا بالابتداء

والخبر محذوف (٢).

ثم اعلم أن ابن عصفور قد أطال الكلام في المسألة بما ذكره من التقسيم وما أشار إليه من جواز العطف في نحو: صمت الأيام حتى يوم الخميس، وجواز العطف والرفع على الابتداء، وقد ذكره المصنف صريحا حيث قال: ويختص تالي الصريح المنتهي به بجواز عطفه واستئنافه، ولم يشترط المصنف في جواز الرفع على الابتداء أن يذكر الخبر بعده لفظا كما اشترط ذلك ابن أبي الربيع.

ولهذا مثل للاستئناف بنحو: ضربتهم حتى زيد، ثم قال: فـ «زيد» مبتدأ محذوف الخبر قال: ويروى بالأوجه الثلاثة قول الشاعر:

٢٥٧٠ - عممتهم بالنّدى حتّى غواتهم ... فكنت مالك ذي غيّ وذي رشد

وأما كون عامل الاسم الذي بعد («حتى» إذا وقع بعد الاسم ما يصلح أن يكون خبرا يجوز أن يكون مضمرا يفسره الظاهر) (٣)؛ فتكون المسألة من الاشتغال، فهذا أمر معروف وقاعدة مستقرة تعرف من ذلك الباب؛ فلا يحتاج إلى أن يذكر في غيره. وقد ذكر المصنف في الباب المذكور أن الاشتغال يقع عن الاسم الواقع بعد «حتى» فكان مستغنيا عن ذكر ذلك هنا. -


(١) نقل طويل عن ابن عصفور لا تجده إلا في هذا الكتاب الذي بين يديك.
(٢) راجع التذييل (٤/ ٢٨، ٢٩) بغير نسبة له.
(٣) من الهامش، وبعده فيه: الذي بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>