للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بتخفيفها، وقد ذكرت. وهي حرف عند البصريين، واسم عند الكوفيين والأخفش (١) في أحد قوليه. وحرفيتها أصح؛ لخلوها من علامات الأسماء اللفظية والمعنوية ولمساواتها (الحرف) (٢) في الدلالة على معنى في مسمى غير مفهوم جنسه بلفظها بخلاف أسماء الاستفهام والشرط فإنها تدل على معنى في مسمى مفهوم بلفظها. ومقتضى هذا التقدير أن تكون «كم» حرفا لكن اسميتها ثابتة بالعلامات اللفظية وهي الإضافة إليها، ودخول حرف

الجر عليها، والابتداء بها، وإيقاع الأفعال عليها، وعود الضمير إليها. واستدل الكوفيون على اسميتها بقول الشاعر:

٢٦٤٠ - إن يقتلوك فإنّ قتلك لم يكن ... عارا عليك وربّ قتل عار (٣)

فزعموا أن «رب» مبتدأ وعار خبره والصحيح أنه خبر مبتدأ محذوف والجملة صفة لـ «قتل» والتقدير: وربّ قتل هو عار، وأكثر النحويين يقولون: معنى «رب» التقليل. قال أبو العباس: «رب» تبني عمّا وقعت عليه أنه قد كان، وليس بالكثير؛ فلذلك لا تقع إلا على نكرة؛ لأن ما بعدها يخرج مخرج التمييز (٤).

وقال ابن السراج: النحويون كالمجمعين على أنّ «ربّ» جواب لما تقول: رب رجل عالم، لمن قال لك: ما رأيت رجلا عالما، أو قدرت أنه يقول ... ؛ فضارعت حرف النفي؛ إذ كان يليه الواحد المنكور وهو يراد به الجماعة (٥). وقال ابن السراج أيضا: رب حرف جر وكان حقه أن يكون بعد الفعل موصّلا له إلى المجرور كأخواته، ولكن لما كان معناه التقليل وكان لا يعمل إلا في نكرة صار مقابلا لـ «كم» إذا كانت خبرا فجعل له صدر الكلام كما جعل لـ «كم» (٦)، وقال الزمخشري في المفصّل:

«رب» للتقليل (٧)، وجعلها في الكشاف للتكثير (٨). قلت: والصحيح أن معنى «رب» التكثير، ولذا تصلح «كم» في كل موضع وقعت فيه غير نادر كقول الشاعر: -


(١) معاني القرآن له (١/ ٢٥٠) أول سورة الحجر.
(٢) الأصل: «الحروف».
(٣) من الكامل لثابت قطنة يرثي يزيد بن المهلب، وانظر: الدرر (١/ ٧٣) والمقتضب (٣/ ٦٦)، والمقرب (١/ ٢٢٠).
(٤) ينظر: المقتضب (٢/ ٤٨)، (٤/ ١٣٩، ٢٨٩).
(٥) الأصول (١/ ٣٣٣).
(٦) السابق (١/ ٣٣٢).
(٧) المفصل بشرح ابن يعيش (٨/ ٢٦).
(٨) في الكشاف (١٠/ ١٥١)، (٢/ ١٣)، (٣/ ٢٠٥، ٢٠٦) أنها للتكثير وفي (٢/ ٤٤٣، ٤٤٤) للتقليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>