للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهذا الذي أشرت إليه [٤/ ٢٤] من أن معنى «رب» التكثير هو مذهب سيبويه (١) رحمه الله تعالى، وقال ابن خروف: وذكر سيبويه في باب «كم» أن «رب» للتكثير، وذكر ذلك غيره من اللغويين. واستعمالها على ذلك موجود كثير (٢)، قلت: فمن كلامه الدال على ذلك قوله في باب «كم»: اعلم أن لـ «كم» موضعين:

أحدهما: الاستفهام.

والآخر: الخبر.

ومعناها معنى «ربّ» (٣). ثم قال بعد ذلك في الباب: واعلم أن «كم» في الخبر لا تعمل إلا فيما تعمل فيه «رب»؛ لأن المعنى واحد إلا أن «كم» اسم، و «رب» غير اسم (٤). هذا نصه ولا معارض له في كتابه.

فعلم أن مذهبه كون «رب» مساوية لـ «كم» الخبرية في المعنى. ولا خلاف في أن معنى «كم» الخبرية التكثير، والذي دلّ عليه كلام سيبويه من أن معنى «رب» التكثير هو الواقع غير النادر من كلام العرب نثره ونظمه. فمن النظم الأبيات التي قدمت ذكرها، ومن النثر قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «يا ربّ كاسية في الدّنيا عارية يوم القيامة» (٥)، و «ربّ أشعث أغبر لا يؤبه له لو (أقسم) (٦) على الله لأبرّ قسمه» (٧)، ومنه قول الأعرابي الذي سمعه الكسائي يقول بعد الفطر: ربّ صائمه لن يصومه وربّ قائمه لن يقومه (٨)، وقال الفراء: يقول القائل إذا أمر فعصي: أما والله لرب ندامة لك تذكر قولي فيها (٩). وقولي: والتعليل بها نادر؛ أشرت به إلى قول الشاعر:

٢٦٤٨ - ألا ربّ مولود وليس له أب ... وذي ولد لم يلده أبوان (١٠)

-


(١) الكتاب (٢/ ١٦١).
(٢) الارتشاف (ص ٧٣٥).
(٣) الكتاب (٢/ ١٥٦).
(٤) الكتاب (٢/ ١٦١).
(٥) عن ابن شهاب، وانظر: البخاري: علم (٤٠)، وفتن: (٦)، وموطأ مالك: اللباس (٨).
(٦) من هامش المخطوط.
(٧) عن أبي هريرة - صحيح مسلم: الجنة ونعيمها وأهلها (٤٨)، بر (١٣٨)، والنهاية (٢/ ٤٧٨) «شعث».
(٨) ينظر: الأشموني (٢/ ٢٣٠)، والتصريح (٢/ ١٨)، وشواهد التوضيح (ص ١٠٦)، والمغني (ص ١٣٤).
(٩) الأشموني (٢/ ٢٣١، ٢٣٢) والهمع (٢/ ٢٧، ٢٨).
(١٠) من الطويل لعمرو الجنبي، أو رجل من أزد السراة، وانظر: التصريح (٢/ ١٨)، والخصائص (٢/ ٢٣٣)، والعيني (٣/ ٣٥٤)، والكتاب (١/ ٣٤١)، (٢/ ٢٥٨)، والمقرب (١/ ١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>