للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأما «متى» فهي في لغة هذيل حرف جر بمعنى «من»، ومنه قول الشاعر:

٢٦٩٢ - شربن بماء المزن ثمّ ترفّعت ... متى لجج خضر لهنّ نئيج (١)

ومن كلامهم: أخرجها متى كمه، أي: من كمه. انتهى.

وقد أنكر بعض الناس الجرّ بـ «لعل»، ومنهم ابن عصفور وخرج قول الشاعر:

٢٦٩٣ - [فقلت ادع أخرى وارفع الصّوت جهرة] ... لعلّ أبي المغوار منك قريب (٢)

على أن «لعل» ناصبة لضمير شأن محذوف، وأن «أبي المغوار» مجرور بلام محذوفة و «قريب» صفة لمحذوف التقدير: لعل لأبي المغوار منك جواب قريب (٣).

وقال: إنه ارتكب في البيت ضرورتان: حذف ضمير الشأن، والجر بحرف محذوف. ولا يخفى ما في هذا التخريج

مع بعده من التكلف. وإذا نقل الأئمة أن الجر بـ «لعل» لغة لقوم من العرب؛ فكيف يسوغ إنكار ذلك، وقد رواه أبو زيد عن بني عقيل، وكذلك رواه الفراء أيضا كما ذكر المصنف؟!

وقال الشيخ: والصحيح ثبوت ذلك لغة وحكاها الأخفش والفراء (٤)، ثم إن الشيخ ذكر (٥) احتمالا في ما استدل به على الجر بـ «متى»، وذلك بأن يكون «متى» في البيت الذي أنشده المصنف، وفي قول الآخر:

٢٦٩٤ - متى ما تعرفونا تنكرونا ... متى أقطارها علق مصب طرفا (٦)

بمعنى «وسط» فتبقى على ما استقر فيها من الظرفية وإن لم تكن شرطا، ولا استفهاما.

وأقول: ما المحوج إلى هذا التخريج البعيد المتكلف بعد أن ثبت أن ذلك لغة بنقل الأئمة المعتبرين؟!


(١) من الطويل لأبي ذؤيب. ديوان الهذليين (١/ ٥١).
(٢) عجز بيت من الطويل ذكرنا صدره، وهو لكعب بن سعد الغنوي، وانظر: التصريح (١/ ١٥٦، ٢١٣)، والدرر (٢/ ٣٣)، والعيني (٣/ ٣٤٧)، والمغني (ص ٢٨٦)، والهمع (٢/ ٣٣، ١٠٨).
(٣) هو أيضا قول أبي علي الفارسي - راجع: الدرر (٢/ ٣٣) والمصادر السّابقة.
(٤) التذييل (٧/ ١٠٢)، وانظر: الهمع (٢/ ٣٣).
(٥) في التذييل (٧/ ١٠٣).
(٦) هذا البيت أنشده أبو سعيد السكري، قاله أبو حيان في التذييل (٧/ ١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>