«إن» إذا حلت هذا المحل يجب أن يكون جوابها فعلا طلبيّا كما في هذا البيت؛ لأن الطلب هو المقصود من هذا الكلام وجملة الشرط ليس فيها طلب فتعين أن تشتمل جملة الجزاء عليه. ثم في جعل الشيخ هذه الأمور جوابا مناقشة؛ لأنه لا يرى أن نحو «نشدتك وعمرتك» قسم، كما أن الجماعة - أعني المغاربة - لا يرون ذلك. وإذا لم يكن ثم قسم فلا جواب. وليعلم أن معنى «نشدتك بالله»:
سألتك بالله وطلبت منك به؛ لأنهم يقولون: نشد الرجل الدابة؛ إذا طلبها. وقد قال المصنف: ومعنى قول القائل: «نشدتك بالله» سألتك مذكرا الله، ومعنى «عمرتك الله»: سألتك الله تعميرك، ثم ضمّنا معنى القسم الطلبي.
قال الشيخ: فإن عنى المصنف أنه تفسير معنى لا إعراب فيمكن، وإن عنى تفسير إعراب فليس كذلك بل «نشدتك الله» انتصاب الجلالة المعظمة على إسقاط الخافض لما سقط وصل الفعل إليه فنصبه؛ فليس منصوبا بـ «مذكر»، وأما «عمرتك الله» فلفظ الجلالة فيه منصوب بإسقاط الخافض أيضا وصل الفعل إليه فنصبه، والتقدير:
عمرتك بالله، أي: ذكرتك بالله تذكيرا يعمر القلب ولا يخلو منه (١). انتهى.
وأقول: إن قول المصنف بعد تفسير معنى هاتين الكلمتين: ثم ضمّنا معنى القسم الطلبي؛ يدفع أن يكون المصنف
عنى بالتفسير الذي ذكره تفسير الإعراب؛ لأنهما بعد تضمينهما معنى القسم يبقى حكمها حكم أفعال القسم، وسيذكر أن حرف الجر الذي يعدى به فعل القسم إذا حذف نصب المقسم به؛ فتعين أن يكون الذي عناه بهذا التفسير إنما هو تفسيرهما لغة قبل أن يضمّنا معنى القسم.
رابعها:
قد علمت ما ذكره المصنف من أن «عمرك الله» يستعمل بدلا من اللفظ بـ «عمرتك»، وأن الاسم المعظم ينصب حينئذ ويرفع، وأنه [٤/ ٤٢] قال في الشرح: إن الأصل في «عمرك الله» أن يقال: تعميرك الله، لكن خففوا بحذف الزوائد فدلّ هذا الكلام منه على أن عمرك منصوب نصب المصادر على أنه بدل من اللفظ فعلّه لكنه لم يبين نصب الاسم المعظم ما وجهه. -