للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إلا بتقديره، واحتيج إلى تقدير القسم؛ لأن تقديره مصحح لحذف حرف النفي؛ إذ لا يحذف مع غير زال وأخواتها إلا في جواب قسم بشرط كونه مضارعا مؤكدا بالنون، وقد يحذف نافي الماضي عند أمن اللبس كقول أمية بن أبي عائذ الهذلي (١):

٢٧٩٧ - فإن شئت آليت بين المقا ... م والرّكن والحجر الأسود

نسيتك ما دام عقلي معي ... أمدّ به أمد السّرمد (٢)

أراد: لا نسيتك فحذف النافي؛ لأن المعنى لا يصح إلا بتقديره، ولأنه لو أراد الإثبات لقال: لقد نسيتك أو لنسيتك،

وهذا النوع مع ظهور المعنى دون تقدم نفي آخر على القسم قليل. فإن تقدم نفي كان الحذف أحسن كقول الشاعر:

٢٧٩٨ - فلا والله نادى الحيّ ضيفي ... هدوّا بالمساءة والعلاط (٣)

أراد: فلا والله لا أنادي؛ فحذف النافي الثاني استغناء عنه بالأول، وقد يجتمعان توكيدا، كقول الله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ (٤)، وكقول أبي ذرّ (٥): «فلا والله لا أسألهم دنيا ولا أستفتيهم عن دين» (٦)، وقد يكون الجواب مثبتا مع تقدم حرف نفي على القسم كقوله تعالى: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (١) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (٢) وَوالِدٍ وَما وَلَدَ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (٧)، وكقول عبد الله بن أبي رواحة رضي الله تعالى عنه:

٢٧٩٩ - فلا وأبي لنأتيها جميعا ... ولو كانت بها عرب وروم (٨)

-


(١) شاعر إسلامي مخضرم وقيل: إنه من شعراء الدولة الأموية. الأغاني ط بولاق (٢٠/ ١١٥)، والخزانة (١/ ٤٢١)، والشعر والشعراء (٢/ ٦٦٧).
(٢) من المتقارب تعليق الفرائد (ص ٣٧) برواية «لبيت» بدل «آليت» وهي غير منسجمة مع ما هنا، والدرر (٢/ ٤٩)، وشرح السكري (ص ٤٩٣)، والمغني (ص ٦٣٧)، والهمع (٢/ ٤٢).
(٣) من الوافر للمتنخل الهذلي. ديوان الهذليين (٢/ ٢١)، والدرر (٢/ ٥١)، والهمع (٢/ ٤٤) هذا والعلاط: الذكر السوء، و «ضيفي» ليس في الأصل.
(٤) سورة النساء: ٦٥.
(٥) جندب بن جنادة بن سفيان من بني غفار، صحابي قديم الإسلام يضرب به المثل في الصدق، وهو أول من حيا رسول الله عليه السّلام بتحية الإسلام روى له البخاري ومسلم (٢٨١) حديثا (ت ٣٢ هـ) - الحلية (١/ ١٥٦)، وصفة الصفوة (١/ ٢٣٨)، والكنى والأسماء (١/ ٢٨).
(٦) أخرجه البخاري: زكاة (٤)، وابن حنبل (٥/ ١٧٦)، ومسلم: زكاة (٣٤).
(٧) سورة البلد: ١ - ٤.
(٨) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>