للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «مثل» و «حسب» فإنه لا فرق بين قولك: رأيته ورجلا غيره، وقولك: رأيته ورجلا آخر، وكذا لا فرق بين قولك: رأيته ورجلا مثله، وبين قولك: رأيته ورجلا آخر؛ لأن كل ما صدق وصفه بالمغايرة صدق وصفة بالمماثلة إذا كان الجنس واحدا، وكذا لا فرق بين قولك: رأيت رجلا حسبك من رجل، وبين قولك:

رأيت رجلا كافيا فيما يراد من الرجال فلا يزول بإضافة هذه وأمثالها إلى المعارف من الإبهام إلا ما لا يعتد بزواله. وقد يعني بـ «غير» ومثل مغايرة خاصة ومماثلة خاصة؛ فيحكم بتعريفها وأكثر ما يكون ذلك في غير إذا وقع بين ضدين كقولك:

٢٨٨١ - فليكن المغلوب غير الغالب ... وليكن المسلوب غير السّالب (١)

وأجاز بعض العلماء - منهم السيرافي (٢) - أن يحمل على هذا قوله تعالى:

صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٣)، لوقوع غَيْرِ فيه بين متضادين وليس ذلك بلازم؛ لقوله تعالى: نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ (٤) فـ غَيْرَ الَّذِي مضاف إلى معرفة، وقد نعت به نكرة مع وقوعه بين ضدين فيجوز كون غَيْرِ الْمَغْضُوبِ نكرة بدلا أو نعتا ويجوز كونه نعتا مع الحكم بتنكيره؛ لأن الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ لم يقصد به تعيين فهو في المعنى نكرة وإن كان لفظه لفظ معرفة كما جاز أن ينعت اللَّيْلُ ب نَسْلَخُ في قوله تعالى:

وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ (٥)؛ لأن الليل وإن كان في صورة معرفة فهو في المعنى نكرة؛ إذ لم يقصد به ليل معين فلذلك نعت بجملة والجمل لا ينعت بها إلا النكرات. وإلى هذا الوجه أشار الفراء والزجاج ورجحه أبو علي الشلوبين (٦)، وزعم المبرد أن غيرا لا يتعرف أبدا (٧)، ومن نعت ذي الألف واللام الجنسية بالجملة قول الأعشى:

٢٨٨٢ - وتبرد برد رداء العرو ... س رقرقت في الصّيف منه العبيرا (٨)

-


(١) رجز ينسب لأبي طالب، وانظر: الأشموني (٢/ ٢٤٤)، والكافية الشافية (٢/ ٩١٦).
(٢) في شرحه على الكتاب (٢/ ١٤٥ ب)، وانظر: الأشموني (٢/ ٢٤٥)، والهمع (٢/ ٤٧).
(٣) سورة الفاتحة: ٧.
(٤) سورة فاطر: ٣٧.
(٥) سورة يس: ٣٧.
(٦) ينظر: الأشموني، والصبان (٢/ ٢٤٤، ٢٤٥)، والتصريح (٢/ ٢٦)، وما بعدها، والهمع (٢/ ٤٧).
(٧) المقتضب (٢/ ٢٧٤)، (٤/ ٢٨٨، ٢٨٩)، والعجيب أنه - مع ذلك - قال بتعريفها إذا أضيفت إلى معرفة. انظر: المقتضب (٤/ ٤٢٣).
(٨) من المتقارب - ديوانه (٦٩)، والإنصاف (٧٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>