للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المتقدم الذكر (١). فمن المحمول على المثنى: ما قصد به التكثير: وإليه الإشارة بقوله:

مخالفا لمعناه أي لمعنى المثنى لدلالته على أكثر من اثنين وإن صلح للتجريد وعطف مثله عليه وذلك ككرتين من قوله تعالى: ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ (٢) المعنى كرات لأن بعده: يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ (٣) [١/ ٨٥] أي مزدجرا وهو كليل ولا يكون ازدجار وكلال بكرتين فحسب بل بكرات.

ولقائل أن يقول: إن كرتين إنما دل على اثنين والكثرة إنما فهمت من السياق.

وفائدة العدول عن لفظ الجمع وهو كرات إلى لفظ التثنية: الدلالة على أن المقصود إتباع كل رجعة من رجع البصر بأخرى؛ فالمراد نظرة تتبعها نظرة، ثم نظرة تتبعها نظرة. وكذا كل ما ذكر أنه يراد به التكثير يمكن تخريجه على هذا. وإذا كان كذلك فهو مثنى حقيقة لا محمول عليه.

قال المصنف: «ومنه أي من المثنى الّذي يراد به التكثير: قولهم: سبحان الله وحنانيه وقولهم:

٩٩ - ومهمهين قذفين مرتين ... ظهراهما مثل ظهور التّرسين

جبتهما بالسّمت لا بالسّمتين (٤)

قال الفراء: «أراد ومهمه بعد مهمه» (٥). -


(١) وقد حدّه بقوله: هو ما دل على اثنين بزيادة صالحا للتجريد منها، وعطف مثله عليه.
(٢) سورة الملك: ٤.
(٣) السورة السابقة والآية.
(٤) أبيات من مشطور السريع نسبت لخطام المجاشعي ولغيره.
اللغة: مهمه: بزنة جعفر، الصحراء المقفرة. وقذفين (متحركات): البعيد من الأرض. مرتين: مثنى مرت وهي أرض لا ماء فيها ولا نبات. ظهراهما: ما ارتفع منهما.
الترسين: مثنى ترس بضم فسكون من أدوات الحرب يتقى به الضرب، ووجه الشبه الصلابة في كل.
جبتهما بالسمت: سرت فيهما بالظن. والشاعر يصف نفسه بالحذق والمهارة والعرب تفتخر بمعرفة الطرق وتعير الجاهل بها. والواو في أوله واو رب وجوابها قوله: جبتهما. وما بعد المجرور بالواو نعوت له.
ويستشهد بالأبيات على أن المراد بالمثنى فيها الجمع والتكثير. وهي في شرح التسهيل (١/ ٦٤)، وفي التذييل والتكميل (١/ ٢٥٠) وفي معجم الشواهد (ص ٥٤٣).
(٥) لم يقل الفراء ذلك ولكنه جعل البيت شاهدا لإرادة المفرد من المثنى، قال بعد أن أنشد البيتين: يريد مهمها وسمتا واحدا. انظر معاني القرآن له: (٢/ ١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>