للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأمر من قبل ومن بعد، ويقال: إنها آخر كلمة تكلم بها رضي الله تعالى عنه وأرضاه بمنه وكرمه. فلا يرتاب أن

مراده بذلك الاعتراف بأن الأمر لله من قبل كل شيء ومن بعد كل شيء، أي: لله الأمر على الإطلاق. لكن نقل الشيخ عن البسيط قال: إذا بنيت فهي معارف؛ لأنك لا تذكرها حتى يتقدمها كلام أو شيء واقع. وقال بعضهم: هي نكرات وإنما تريد: قبل شيء، وعزاه إلى سيبويه (١). انتهى كلام صاحب البسيط، وقوله: لأنك لا تذكرها حتى يتقدمها كلام أو شيء واقع؛ قد يمنع، ثم يكفي في عدم ثبوت ذلك أنها نكرات في قول من خالف.

البحث الثالث:

اختلف القول في موجب بناء هذه الأسماء المنقطعة عن الإضافة.

فأما المصنف؛ فقد عرفت ما ذكره من جمود لفظها وافتقارها إلى الغير في بيان معناها. قال: فأشبهت الحرف لفظا؛ للجمود، ومعنى؛ للافتقار، إلى آخر كلامه المتقدم إلى أن قال: إنها لما قطعت عن الإضافة ونوي معنى الثاني أشبهت حروف الجواب في الاستغناء بها عن لفظ ما بعدها؛ فانضم ذلك إلى الشبهين المذكورين فبنيت.

وأما غير المصنف؛ فمنهم من قال: الموجب للبناء أن المضاف إليه لما حذف وأريد افتقر إلى ما يدل عليه فأشبه المضاف الحرف؛ لافتقاره إلى غيره. ومنهم من قال: إن المضاف إليه لما حذف وأريد بقي المضاف كبعض كلمة، وبعض الكلمة لا يستحق الإعراب. ومنهم من ذكر أن الموجب للبناء الإبهام ولذلك بنيت «غير» لما قطعت عن الإضافة إذا قلت: ليس غير ولا غير. وإذا قسمت ما ذكروه بما ذكره المصنف علمت ما بينهما كما علمت ما بين السماء والأرض. ثم إن الذي ذكره المصنف تعليل عام يشمل الكلمات التي يعرض لها البناء عند حذف ما هي مضافة إليه ظرفا كانت أو غير ظرف. والكلمات التي أوردها في الشرح هي «قبل»، و «بعد»، و «غير»، و «حسب»، و «أول»، و «أمام وخلف» وأخواتهما. -


- صلبا في دينه ويقول: «العلم يؤتي إليه». له الموطأ وغيره، (ت: ١٧٩ هـ). الأعلام (٦/ ١٢٨)، والوفيات (١/ ٤٣٩).
(١) التذييل (٧/ ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>