للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأول لدلالة الثاني. وابن عصفور ذكر في كتبه أن «يدا» مضافة إلى «من قالها» المنطق به والتقدير: قطع الله يد من قالها ورجله؛ فحذف الضمير وأقحم المعطوف بين المضاف والمضاف إليه وحذف التنوين من «يد» لإضافته إلى «من» وحذف من «رجل» لأنه مضاف إلى «من» في المعنى وبمنزلة المضاف إليه في اللفظ (١).

وإنما قال: إنه بمنزلة المضاف إليه في اللفظ؛ لأنه قال: إذا حذف المضاف إليه وكان المضاف غير ظرف فلا بد من التنوين إلا أن يكون المضاف بعد الحذف على هيئته قبل الحذف نحو قولهم: قطع الله يد ورجل من قالها؛ قال الشيخ بهاء الدين بن النحاس رحمه الله تعالى شارحا لكلام ابن عصفور: أجمعوا على أن هنا مضافا محذوفا من

أحدهما. واختلفوا من أيهما حذف. فمذهب سيبويه كما قاله المصنف وهو أسهل؛ لأنه ليس فيه وضع ظاهر موضع مضمر وليس فيه أكثر من الفصل بين المضاف والمضاف إليه بغير الظرف (٢). قال شيخنا ابن عمرون رحمه الله تعالى: لما شارك الفاصل ما قبله في النسبة إلى المضاف إليه حسن وشجعه كون الدليل يكون مقدما على المدلول عليه ومذهب أبي العباس المبرد أن «رجل» مضافة إلى «من» المذكورة و «يد» مضافة إلى «من قالها» أخرى محذوفة (٣)، ويلزمه أن يكون قد وضع الظاهر موضع المضمر؛ إذ الأصل: يد من قالها ورجل من قالها، وحسّن ذلك عنده كون الأول معدوما في اللفظ فلم يستكره لذلك. انتهى.

والظاهر أن المذهبين متعادلان. فإن أرجحية كل من القولين تعادل مرجوحية الآخر.

ولقائل أن يقول: الدليل على صحة مذهب المبرد ما أنشده المصنف من قول القائل:

٢٩٨٥ - سقى الأرضين الغيث سهل وحزنها

وقول الآخر:

٢٩٨٦ - بنو وبناتنا كرام

فإن الضمير إنما يتصل بعامله وإذا ثبت في هذين البيتين أن المحذوف هو ما أضيف -


(١) المقرب (١/ ١٨٠) وانظر الأشموني (٢/ ٢٧٤، ٢٧٥).
(٢) المصدر السابق.
(٣) المقتضب (٤/ ٢٢٧) وما بعدها، والكامل (٥/ ٨٤)، (٧/ ١٤٥، ١٤٦)، والأشموني (٢/ ٢٧٤)، والسيرافي على الكتاب (١/ ٣١٥)، وشرح الرضي على الكافية (١/ ١٣٣)، والمغني (٢/ ١٦٣)، والهمع (١/ ١٧٧)، وابن يعيش (٢/ ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>