للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هكذا نقلت هذه الأبيات بالفتح بناء، مع أن الإضافة فيها إلى جمل مصدرة بمعرب إعرابا أصليّا فلأن يثبت بناء ما أضيف إلى جملة مصدرة بمعرب أصله البناء أحق وأولى، وهذه دلالة عقلية تقتضي بناء المضاف إلى الجملة المصدرة بفعل معرب. وأقوى منها أن يقال: سبب بناء المضاف إلى جملة مصدرة بفعل مبني إما قصد المشاكلة وإما غير ذلك. فلا يجوز أن يكون قصد المشاكلة؛ لأمرين:

أحدهما: أن البناء قد ثبت مع تصدير الجملة المضاف إليها اسم معرب ولا مشاكلة فامتنع أن يكون البناء لقصدها.

الثاني: أن بناء المضاف إلى جملة مصدرة بفعل مبني لو كان سببه قصد المشاكلة لكان بناء ما أضيف إلى اسم مبني أولى؛ لأن إضافة ما أضيف إلى اسم مفرد إضافة في اللفظ والمعنى وإضافة ما أضيف إلى جملة إضافة إليها في اللفظ وإلى مصدر في التقدير، وتأثير ما يخالف لفظه معناه أضعف من تأثير ما لا تخالف فيه أعني إضافة اسم الزمان إلى مفرد من الأسماء مبني، ولا خلاف في انتفاء سببه الأقوى؛ فانتفاء سببه الأضعف أولى. فثبت بهذا كون بناء المضاف إلى الجملة مسببا عن أمر آخر وهو شبه المضاف إليها بحرف الشرط في جعل الجملة التي تليه مفتقرة إليه وإلى غيره. فإن «قمت» من قولك: حين قمت قمت، وإن قمت قمت؛ كان كلاما تامّا قبل دخول «حين» و «إن» عليه وبدخولهما عليه حدث له افتقار إليهما وإلى ما بعدهما فشبه «حين» وأمثاله بـ «أن» وجعل ذلك سببا للبناء المشار إليه على وجه لا يخالف القاعدة العامة وهي ترتيب بناء الأسماء على مناسبة الحرف بوجه.

وقد يضاف اسم الزمان إلى جملة مصدرة بـ «لا» التبرئة فيبقى اسمها على ما كان عليه من بناء، أو نصب، وقد يجر، وقد يرفع. فمن ذلك ما حكى أبو الحسن من قول بعض العرب: جئتك يوم لا حرّ ولا برد، ويوم لا حرّ ولا برد، ويوم لا حرّ ولا برد (١)، وأنشد:

٣٠٠٨ - تركتني حين لا مال أعيش به ... وحين جنّ زمان النّاس أو كلبا (٢)

-


(١) الارتشاف (٢/ ٥٢١).
(٢) من البسيط لأبي الطفيل. وجوز الفارسي في «المسائل المنثورة» الحركات الثلاث في «مال». أمالي الشجري (١/ ٢٣٩)، والدرر (١/ ١٨٨)، والكتاب (١/ ٣٥٧)، والهمع (١/ ٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>