للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ابن عصفور - أنه لا يشترط العطف لا متصلا ولا منفصلا بـ «لا» بخلاف كلام المصنف ... فيكون من ذلك «طلحة الطّلحات» (١). انتهى.

ولقائل أن يقول: لا شك أن الجار عامل ضعيف؛ لافتقاره إلى ذكر شيء معه لعدم استقلاله. ولا يليق بما هو ضعيف أن يعمل محذوفا، ولهذا يعرب المضاف إليه بإعراب المضاف بعد حذفه وإنما بقي الجر بعد الحذف في مثل: ما كلّ سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة؛ لموجب وهو الفرار من العطف على عاملين فجعل لذلك المضاف

المحذوف في حكم المذكور مع تقدم ذكر مضاف مثل المحذوف. وأما بقاء الجر بعد حذف المضاف دون عطف إذا تقدم ذكر مثل المضاف المحذوف فلا شك في ثبوته.

وقد ذكر المصنف - كما عرفت عليه - شواهد ولكنه غير مقيس؛ إذ لا موجب للقول به بخلاف ما إذا وجد العطف؛ فإن للقول به موجبا وهو الفرار من العطف على عاملين، ولهذا كان مقيسا. وعلى هذا فالذي ينبغي الاستمساك بكلام المصنف والوقوف عنده.

على أن ابن عصفور لم يمثل المسألة إلا بالعطف وربما تمثيله بذلك يصرف كلامه عن ظاهره.

ثم إن الشيخ لما ذكر ما قاله المصنف عن الفارسي وهو أن بعض العرب يقول:

رأيت التيمي تيم فلان؛ على تقدير: أحد تيم فلان (٢). قال: وهذه المسألة إحدى المسائل التي سأل عنها أبو بكر الشيباني (٣) أنفدها من طبرية إلى أبي القاسم الزجاجي بدمشق وهي: هذا زيد السعدي سعد بكر؛ كيف يعرب «سعد»؟ وما الاختيار فيه؟ فقال: يختار فيه الكوفيون الخفض على معنى «زيد» من «سعد» ثم يقول: سعد بكر؛ على الترجمة لأنا نريد بهذا الكلام الإضافة وليس يمتنعون من إجازة نصبه. فأما أصحابنا البصريون فلا يجيزون خفض هذا ألبتة. وإنما يجيزون النصب بتقدير: أعني، والرفع بتقدير: هو (٤). انتهى.

ولا شك أن هذا النقل عن البصريين يمنع أن يكون ابن عصفور لا يشترط العطف في هذه المسألة - أعني بقاء جر المضاف إليه بعد حذف المضاف إذا كان مسبوقا بمضاف مثل المحذوف - لأنه لا يخرج عن مذهب البصريين.


(١) التذييل (٧/ ٢٦٣).
(٢) التذييل (٤/ ٩٥).
(٣) شعبة بن عياش الأسدي من أعلام القراء، وهو راوية عاصم كان فقيها في الدين (ت: ١٩٣ هـ).
الأعلام (٣/ ٢٤٢)، والنشر (١/ ١٥٦).
(٤) التذييل (٤/ ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>