للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثم قلت: (وإن نودي المضاف إليها إضافة تخصيص جاز أيضا حذفها وقلبها ألفا والاستغناء عنها بالفتحة). فعلم بهذا أن في الياء التي يضاف إليها غير المنادى وجهين وهما مشهوران، وفي التي يضاف إليها المنادى

خمسة أوجه؛ فيقال في غير النداء: جاء غلامي وغلامي، ويقال في النداء: يا غلامي ويا غلامي ويا غلام ويا غلاما ويا غلام بحذف الألف مع خفتها؛ لأنها بدل من الياء فجرت مجراها في الاستغناء عنها بحركة.

ثم قلت: (وربما وردت الثلاثة في غير نداء) فأشرت إلى نحو قوله تعالى:

فَبَشِّرْ عِبادِ ١٧ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ (١) بحذف الياء خطّا ووقفا، وإلى نحو قول الشاعر:

٣٠٨٤ - أطوّف ما أطوّف ثمّ آوي ... إلى أمّا ويرويني النّقيع (٢)

وإلى نحو قول الآخر:

٣٠٨٥ - فليس براجع ما فات منّي ... بلهف ولا بليت ولا لو انّي (٣)

أراد أن يقول: لهفا، والأصل: لهفي؛ فأبدل الياء ألفا دون نداء، ثم حذفها واستغنى بالفتحة؛ كما حذفت الياء واستغني بالكسرة. وقيدت الإضافة بأن تكون إضافة تخصيص؛ احترازا من نحو: يا مكرمي، وأنت تريد الحال أو الاستقبال؛ فإن إضافته إضافة تخفيف والياء في نية الاتصال كما تكون في نية الانفصال إذا قلت: يا مكرم زيد الآن أو غدا، وإذا كانت في نية الانفصال لم تمازج ما اتصلت به فتشبه بياء قاض فتشاركها في جواز الحذف.

والحاصل: أن ياء المتكلم المضاف إليها منادى هو اسم فاعل بمعنى الحال أو الاستقبال لا تحذف ولا تقلب ألفا، وإذا لم تقلب ألفا فلا يفتح ما قبلها. فليس لها حظ في غير الفتح والسكون، وقد يستغنى بنية إضافة المنادى إلى الياء فيجيء كأنه غير مضاف كما يفعل ذلك في غير النداء، أعني كون الاسم مضافا في المعنى مفردا في اللفظ. -


(١) سورة الزمر: ١٧، ١٨.
(٢) من الوافر لنقيع بن جرموز الجاهلي. الأشموني (٢/ ٢٨٢)، والدرر (٢/ ٦٩)، والنوادر (١٩)، والهمع (٢/ ٥٣) ويروي: «بيت» موضع «أما».
(٣) من الوافر. التصريح (٢/ ١٧٧)، والخصائص (٣/ ١٣٥)، والشجري (٢/ ٧٤)، والمحتسب (١/ ٢٧٧). هذا، وفي الأصل: ولا بلهف، وزيادة: «ولا» هنا حشو مخل.

<<  <  ج: ص:  >  >>