هو في المؤكد الذي يكون تابعا لا في المؤكد على الإطلاق. ولا شك أن ابن عصفور لم يقصد إلا الإشارة إلى المؤكد من حيث هو مؤكد من حيث هو تابع.
فإن قيل: جعله إياه من قبيل التوكيد المعنوي يقتضي إدخاله في هذا الباب لأن المعنوي قسيم اللفظي ولا شك أن الباب مشتمل عليهما فالجواب: أنه لا يلزم من إطلاق المعنوي عليه ما ذكره لأنه إنما سمي توكيدا لتقوية مدلول ما أكده وبيان إرادة الحقيقة منه فهو توكيد من حيث المعنى لا من حيث الصناعة. فإن قيل: هل يجوز في المصدر المؤكد أن يكون من قبيل التوكيد اللفظي. فالجواب: أنه يجوز أن يقال فيه إنه من قبيل اللفظي لأن الإتيان بالمصدر بعد الفعل كتكرير الفعل فهو مرادف. وهم قد جعلوا التوكيد بالمرادف من اللفظي نحو أنت بالخير حقيق قمن، لكن قد يفرق بينهما بأن مثل التابع المرادف لحقيق وهو قمن اسم فهو والمتبوع نوع واحد بخلاف المصدر مع الفعل. ومما يعكر على جعل المصدر من باب التوكيد اللفظي أنه غير تابع وما قبله غير صالح لأن يكون متبوعا له والتوكيد المعنوي واللفظي داخلان في مسمى التابع فكيف يجعل توكيدا مع عدم التبعية، وقد يجاب عنه بأن الحرف يؤكد بالحرف والجملة بالجملة ولا تبعية فيها. والحق: أن لا تبعية في جميع أنواع التوكيد اللفظي، وقد تقدمت
الإشارة إلى ذلك والاعتضاد فيه بقول المصنف: إن التوكيد المعنوي هو المعتد به في التوابع.
إذا تقرر هذا فليعلم أن مجيء التوكيد في الغرض الأول وهو رفع توهم الإضافة إلى المتبوع بلفظ النفس والعين خاصة، أما بكل منهما على الانفراد أو بهما معا مفردين مع المفرد مجموعين جمع قلة لا جمع كثرة مع المثنى، والمجموع مضافين مطلقا لفظا إلى ضمير مطابق للمؤكد في إفراد وتذكير وغير ذلك نحو: نفسه عينه، نفسها عينها، أنفسهما أعينهما، أنفسهم أعينهم، أنفسهن أعينهن، ولا يجوز نفوسهم وعيونهم بجمع الكثرة.
وقد استظهر الشيخ على المصنف، فقال: ينبغي أن يقيد جمع القلة بكونه على «أفعل» فإن عينا جمعت على أعيان أيضا، ولا يجوز أن يقال قام الزيدان أعيانهما ولا قام الزيدون أعيانهم (١). والجواب: أن المصنف قد قال [٤/ ١٠٥] في ألفيته: -