للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يشاركه في هذا القرب فلما كان العموم مرادا تعين التوكيد ليفيد أن الخصوص غير مراد وليس النعت بمقصود في هذه الأبيات إذ لا معنى لقولنا: يا أشبه الناس الكاملين ثم إن القائلين هذه الأبيات لم يقصدا مدح الناس فيجعل ما بعد نعتا كما قصد المدح في قولنا: أنت الرجل كل الرجل، لأن الرجل هو المقصود بالمدح، والناس من أشبه الناس وأبعد الناس وأقرب الناس ليس المقصود بذلك إنما المقصود به أشبه وأبعد وأقرب.

وأجاز الفراء (١) والزمخشري (٢) أن يكون «كلّا» في قراءة من قرأ «إنّا كلّا فيها» (٣) بالنصب توكيدا لاسم إن. قال المصنف (٤): وذلك عندي غير جائز لأن ألفاظ التوكيد ضربان ضرب مصرح بإضافته، إلى ضمير المؤكد وهو النفس والعين وكل وجميع وعامة، وضرب منوي الإضافة إلى ضمير المؤكد وهو أجمع وأخوته.

وقد أجمعنا على أن المنوي الإضافة لا يصرح بإضافته وأجمعنا على أن غير كل من الصريح الإضافة لا يستعمل منوي الإضافة فتجويز ذلك في كل يستلزم عدم النظير في الضربين لأن غير كل إما ملازم لصريح الإضافة وإما ملازم لمنويها فإفراد كل بجواز الاستعمالين مستلزم لعدم النظير والمفضي إلى ذلك هو ما ذهب إليه الفراء والزمخشري فوجب اجتنابه. قال:

والقول المرضي عندي أن «كلّا» في القراءة المذكورة منصوب على الحال (من الضمير المرفوع المنوي في فيها وفيها هو العامل وقدمت الحال عليه) مع عدم تصرفه، ثم إنه أعني المصنف استشهد على تقديم الحال على العامل المنوي ببعض الشواهد الذي تقدم له ذكرها في باب الحال (٥) فتركت إيرادها هنا لذلك. ثم لما تقدم أن المثنى في هذا الغرض لا يؤكد بغير كلا وكلتا نبه المصنف الآن على أن الكوفيين ومن وافقهم يعني من البصريين فألفوا في ذلك فأجازوا (تثنية) أجمع وجمعاء. -


(١) معاني القرآن له (٣/ ١٠).
(٢) الكشاف (٤/ ١٣٣).
(٣) سورة غافر: ٤٨، وانظر المصدرين السابقين.
(٤) شرح التسهيل (٣/ ٢٩٢).
(٥) قراءة من قرأ «والسموات مطويات بيمينه» وقول النابغة الذبياني:
رهط ابن كور محقبي أذراعهم ... فيهم ورهط ربيعة بن حذار
وقول بعض الطائيين: دعا فأجبنا وهو بادي ذلة لديكم فكان النصر غير بعيد، وانظر باب الحال.

<<  <  ج: ص:  >  >>