أما الوجه الأول: فهو الظاهر بل الحق وكذا قال: وذلك جائز في العربية بلا خلاف. وقال غيره إن فيه الفصل بجملة أجنبية والحق أن هذه الجملة لا تعد أجنبية لأن الوضوء عمل واحد. وإذا قيل إن الترتيب مقصود تأكد القول بعدم الأجنبية.
وأما الوجه الثاني: فقد قال إن الوجه الأول أقوى منه قال: لأن العطف على اللفظ أقوى من العطف [٤/ ١١٨] على الموضع. ومقتضى كلامه صحة عطف وَأَرْجُلَكُمْ على موضع بِرُؤُسِكُمْ وهو غير ظاهر فإن ذلك يلزم منه أن يكون المأمور به مسح الأرجل والحق أن التوجيه الأول هو المتعين ولا يجوز غيره.
وأما الجر فقد ذكر أبو البقاء فيه وجهين أيضا:
أحدهما: أنه على الجوار فتكون الأرجل معطوفة على ما تقدم من المنصوب وهو الوجوه والأيدي كما تقدم تقرير ذلك. وقد قدمنا أن هذا هو الظاهر بل ربما يتعين.
والثاني: أن يكون الجر بجار محذوف تقديره وافعلوا برؤوسكم غسلا. ولا شك في ضعف هذا الوجه. وأما البيتان اللذان استدل بهما فلا دليل فيهما؛ لأن الجر في: ولا ناعب، وفي ولا سابق إنما هو على توهم وجود الباء داخلة على مصلحين وعلى مدرك.
وقد فهمت من تقرير الزمخشري وجها ثالثا وهو أن العطف على بِرُؤُسِكُمْ لقوله فعطفت على الرابع الممسوح وهو لم يثبت القول بالعطف على الجوار مع أنه قائل بوجوب الغسل فلازم قوله أن يكون «وأرجلكم معطوفا على برؤوسكم» والمقصود غسل الأرجل وإنما عطفت على يمسح وهو الرؤوس للمعنى الذي ذكره وهذا الوجه غير الوجه الصائر إلى العطف على الجوار؛ لأن القائل بذلك عنده أن وَأَرْجُلَكُمْ معطوف على الوجوه والأيدي كما تقدم.
وبعد: فلم يبق إلا الإشارة إلى بقية المسائل والأبحاث التي تقدم الوعد بذكرها.
فمنها: أنه هل يجوز التبعية على الجوار في التثنية والجمع. وقد تقدم قول أبي البقاء وأصلوه بقولهم: هذا جحر ضّبّ خرب، حتى اختلفوا في جواز جر التثنية والجمع -