للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

العائذات كما أن العمر بدل من الطويل، وخرج كل من العائذات والطويل عن أن يكون صفة في هذا التركيب وجعل معمولا للعامل قبله وأبدل منه ما بعده.

وأما ثانيّا: فلكونه قال في الوجه الثاني: إن الصفة تضاف إلى الموصوف فإن مفهوم كلامه أن الصفة بعد إضافتها إلى الموصوف معتبر فيها بكونها صفة.

والأمر ليس كذلك فإن النحاة خرجوا الوارد مما يوهم ذلك وهو قول العرب:

جرد قطيفة وسحق عمامة على أن التقدير شيء جرد من جنس القطيفة وشيء سحق من جنس العمامة وإذا كان كذلك فلم تكن الصفة مضافة إلى الموصوف.

وقد تبين بهذا حسن قول المصنف: فإن صلح النّعت لمباشرة العامل جاز تقديمه مبدلا منه المنعوت، وأنه كلام واف بالمقصود مغن عن هذا التطويل.

المسألة الرابعة:

أنه إذا نعت بمفرد وجملة وظرف أو شبهه قال المصنف: فالأقيس تقديم المفرد وتوسيط الظرف أو شبهه وتأخير الجملة كقوله تعالى: وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ (١) قال: وقد تقدم الجملة كقوله تعالى: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ (٢) انتهى.

وهذا الذي قاله هو الحق الذي لا يجوز القول بخلافه، وكفى بالقرآن العزيز دليلا وشاهدا. ومما يستدل به على ذلك أيضا قوله تعالى: وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ (٣)، قال الفارسي: «ولا يجوز أن يكون أَنْزَلْناهُ خبرا بعد خبر؛ لأن المعنى على الإخبار أن المشار إليه كتاب منزل من عند الله لا على الإخبار عن اسم الإشارة بخبرين: أحدهما: أنه كتاب. والثاني: أنه منزل من عند الله؛ لأنهم قد علموا أنه كتاب فلا فائدة بالإخبار بذلك (٤)».

وابن عصفور يقول: إن تقديم الجملة التي هي صفة على المفرد الذي هو صفة -


(١) سورة غافر: ٢٨.
(٢) سورة المائدة: ٥٤.
(٣) سورة الأنعام: ٩٢، ١٥٥.
(٤) التذييل (٤/ ١٢٨) والإيضاح العضد (٢٨٧) وينظر معاني الفراء (١/ ٣٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>