كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد

الباب الخامس والأربعون باب عطف البيان - [تعريفه، أغراضه، موافقته ومخالفته متبوعه] - ج: 7 - ص: 3378

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

العلمية بالغلبة وهي في الأصل صفات، لكن وصفيتها بعد الغلبة غير مقصودة وإنما المقصود بها ما يقصد بالأعلام المرتجلة من تعيين المسمى، ولا خلاف في موافقة عطف البيان متبوعه في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث ويتوافقان أيضا في التعريف والتنكير.

وزعم الشيخ أبو علي الشلوبين أن مذهب البصريين التزام تعريف التابع والمتبوع في عطف البيان (١)، ولم أجد هذا النقل من غير جهته. وعلى تقدير صحة النقل فالدليل أولى بالانقياد إليه والاعتماد عليه، وذلك أن الحاجة داعية إلى استعمال عطف البيان في النكرتين كما هي داعية إليه في المعرفتين بل هي في النكرتين أشد لأن النكرة يلزمها الإبهام وهي أحوج إلى (ما يبيّنها) من المعرفة فتخصيص المعرفة بعطف البيان خلاف مقتضى الدليل، واستعماله مطلقا مذهب الفراء وغيره من الكوفيين (٢)، وهو [٤/ ١٣٤] أيضا مذهب الزمخشري فإنه حكم بذلك في مواضع من الكشاف (٣)، وهو أيضا مذهب أبي علي الفارسي فإنه أجاز العطف والإبدال في «طعام» من قوله تعالى: أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ (٤)، وزعم الزمخشري أن «مقام» من قوله تعالى: فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ (٥) عطف بيان مع كونه معرفة «وآيات» نكرة (٦)، وقوله في هذا مخالف لإجماع البصريين والكوفيين فلا يلتفت إليه.

وزعم أكثر المتأخرين أن متبوع عطف البيان لا يفوقه في الاختصاص بل يساويه -

---

(١) الأشموني (٣/ ٨٦) والتذييل (٤/ ١٣٥) والهمع (٢/ ١٢١).
(٢) الأشموني (٣/ ٨٧)، والتذييل (٤/ ١٣٥).
(٣) الكشاف (١/ ٢٩٦، ٢٩٧) عند الكلام على قوله تعالى: فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ، (١/ ٢٩٨، ٢٩٩) قوله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، (١/ ٥٢٩) أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ، (٢/ ٩٧) لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ (٢/ ٤١٨) إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، * (٣/ ٤٢٠) لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ، (٤/ ١٨٤)، وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ٥٢ صِراطِ اللَّهِ، والكشاف (٤/ ٦٢٠) عند قوله تعالى: كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ١٥ ناصِيَةٍ.
(٤) سورة المائدة: ٩٥، وانظر الأشموني (٣/ ٨٧)، والهمع (٢/ ١٢١).
(٥) سورة آل عمران: ٩٧.
(٦) الكشاف (١/ ٢٩٦، ٢٩٧)، ومعاني الأخفش (١/ ١٤٧).