للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في مريم عليها السّلام وهو كونها على غاية من التقى والبر والعفاف فلذلك صح في اذ ان تكون بدل اشتمال (من مريم) (١) انتهى. ولم أتحقق ما قاله.

الأمر الثاني: قد عرفت قول المصنف: وقد يكون البدل في حكم الملغى واستدلاله على ذلك بالبيت الذي أوله:

«فكأنّه لهق السّراة»:

والبيت الآخر الذي أوله: «إنّ السّيوف».

ولا شك أن ما قاله المصنف هو الظاهر.

لكن ابن عصفور في شرح الإيضاح لما ذكر أن الأول يعني المبدل منه ينوي به الطرح معنى لا لفظا قال:

الدليل على ذلك أن العرب إذا أتت بعد البدل بخبر أو حال أو غير ذلك فإنما يعتمد به على البدل لا على المبدل منه. ثم قال:

ولم يجيء ما ظاهره الاعتماد على المبدل منه إلا قول الشاعر، وأنشد البيتين اللذين استدل بهما المصنف، ثم خرج قوله: معين بسواد على أنه يراد به المصدر «كممزّق» في قوله تعالى: وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ (٢)، وإذا أخبر بالمصدر كان موحدا. وخرج قوله: غدوّها ورواحها على أنهما منصوبان على الظرف كحقوق النجم كأنه قال:

إن السيوف وقت غدوها ورواحها على هوازن تركتهم مثل قرن الأعضب.

فجاء الشيخ فقال في قول المصنف: وقد يكون البدل في حكم الملغى: هذا غير مسلم له، ولا حجة في الاستشهاد بما ذكر، ثم أورد كلام ابن عصفور هذا (٣).

ولا يخفى ضعف التخريج الذي ذكر في البيتين ثم ليس المراد أن السيوف تركت هوازن في وقت غدوها ورواحها. وقول المصنف:

وقد يكون البدل في حكم الملغى مشيرا بقد إلى التقليل لا يصادم قول ابن عصفور: إن العرب إنما تعتمد على البدل لا على المبدل منه؛ لأن ما قاله هو الأغلب والأكثر. وقد تشذ العرب فتأتي بخلاف ذلك كما شذوا في أمور تخالف الأصول ووقع لهم ذلك في أبواب كثيرة لا تحصر (٤). -


(١) النص في شرح بدر الدين على ألفية أبيه (ص ٥٥٤).
(٢) سورة سبأ: ١٩.
(٣) التذييل (٤/ ١٤٦).
(٤) ينظر الأشباه والنظائر (١/ ٢٠٩، ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>