للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عمرا فمن كلامهم لا من كلام العرب، ولذلك لم يمثل سيبويه في أمثلة العطف إلا بولكن (١).

وهذا من شواهد أمانته وكمال عدالته؛ لأنه يجيز العطف بها غير مسبوقة بواو.

وترك التمثيل به لئلّا يعتقد أنه مما استعملته العرب. ومع هذا ففي المفرد الواقع بعد ولكن إشكال؛ لأنه على ما قررته معطوف بالواو مع أنه مخالف لما قبلها وحق المعطوف بالواو أن يكون موافقا لما قبلها. فالواجب أن يجعل من عطف الجمل ويضمر له عامل كأنه قال: ما قام سعد ولكن قام سعيد. ولا تزر زيدا ولكن زر عمرا؛ لأن الجملة المعطوفة بالواو يجوز كونها موافقة ومخالفة. فالموافقة نحو: قام زيد وقام عمرو، والمخالفة نحو: قام زيد ولم يقم عمرو. ونفيت أن يكون إما حرف عطف؛ لأنها أيضا لا يليها معطوف إلا وقبلها الواو كقوله تعالى: حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ (٢) فالعطف بالواو لا بها؛ لأن عطفية الواو إذا خلت من أما ثابتة وعطفية أما إذا خلت من الواو منفية والأصل استصحاب ثبوت ما ثبت ونفي ما نفي وأيضا فإن توسط الواو بين إما وأما كتوسطها بين لا ولا في نحو: زيد لا بخيل ولا جبان والعطف قبل لا بالواو بإجماع فليكن بها قبل إما ليتفق المتماثلان ولا يختلفان. ولمن زعم أن ما عاطفة شبهتان أحدهما: أن الواو قد تحذف ويستغنى بإما كقول الشاعر:

٣٢٣١ - يا ليتما أمّنا شالت نعامتها ... إيما إلى جنّة إيما إلى نار (٣)

[٤/ ١٤٨] وكقول الراجز:

٣٢٣٢ - لا تتلفوا آبالكم ... إيما لنا إيما لكم (٤)

الثانية: أن أو تعاقبها كقراءة أبي - رضي الله تعالى عنه - (وإنّا أو إيّاكم إمّا -


(١) الكتاب (١/ ٩٠، ٣٤٦، ٤٣٤، ٤٣٥، ٤٤٠)، (٢/ ٨)، ٣/ ٧٧، ٧٨، ١١٦، (٤/ ٢٣٢) هذا: وفي الكتاب (١/ ٤٣٥) «ما مررت برجل صالك لكن طالح أبدلت الآخر من الأول فجرى مجراه في بل».
(٢) سورة مريم: ٧٥.
(٣) البيت من البسيط لسعد بن قرظ وينسب للأحوص. الأشموني (٣/ ١٠٩) والتصريح (٢/ ١٤٦) والمعنى: (٥٩) والهمع (٢/ ١٣٥).
(٤) البيت وانظره في الدرر (٢/ ١٨٢)، والمحتسب (١/ ٢٨٤)، والهمع (٢/ ١٣٥)، برواية:
لا تفسدوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>