للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وكما قال الآخر:

٣٢٦٨ - وكابرا سادوك عن كابر (١)

ثم ذكر الأجوبة عن ذلك فقال: أما قوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ (٢) ففيه جوابان:

أحدهما: أن الأرض خلقت قبل السماء غير مدحوة ثم دحيت بعد ما ذكره الله تعالى من أمر السماء.

والآخر: أن تكون بعد بمعنى مع كما أنها بمعناها في قوله تعالى: عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ (٣) أي مع ذلك. وأما قوله تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ (٤) الآية فالمعنى من ثم اهتدى داوم على الهدى ويقوي ذلك أنهم قد أمروا بالدوام على الإيمان في قوله [٤/ ١٥٤] تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا (٥) وكذا معنى اتَّقَوْا وَآمَنُوا (٦):

ثم داوموا على الاتقاء والإيمان ثم داوموا على الاتقاء والإحسان. وكذا معنى قوله تعالى: وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ (٧) ثم دوموا على التوبة. وأما قوله تعالى:

وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ (٨) الآية فمعناها وبدأ خلق آدم من طين ثم حكم بجعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم سواه ونفخ فيه من روحه، هذا إن جعل النفخ والتسوية لآدم - عليه الصلاة والسّلام - كما أنهما له في قوله تعالى: إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ ٧١ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (٩) وإن جعلا لنسله لم يحتج في الآية الشريفة إلى تأويل.

وأما قوله تعالى: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها (١٠) فإن ثُمَّ فيه للبعد المعنوي الذي بين المعطوف والمعطوف عليه لا للبعد الزماني لأن من عرف شيئا ينبغي أن يكون أبعد الناس عن إنكاره. ونظير ذلك في البعد من جهة الزمان قولك:

أشعر الناس فلان ثم فلان إذا تباعد ما بينهما في جودة الشعر. وكذلك هي للبعد المعنوي في البيت الذي هو: سألت ربيعة، لأن الشر الذي يلحق في الأنساب من -


(١) البيت في الشجري (٢/ ٢٧٠) «ومنه قولهم: سادوك كابرا عن كابر أي كبيرا بعد كبير، ثم ذكر البيت المتقدم.
(٢) سورة البقرة: ٢٩.
(٣) سورة القلم: ١٣.
(٤) سورة طه: ٨٣.
(٥) سورة النساء: ١٣٦.
(٦) سورة المائدة: ٩٣.
(٧) سورة هود: ٩٠.
(٨) سورة السجدة: ٧.
(٩) سورة ص: ٧١، ٧٢.
(١٠) سورة نحل: ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>