للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثم لك أن تقول: كلام ابن عصفور إنما هو في أو المفيدة للإباحة أو التخيير.

وكلام المصنف في الشرح يقتضي الإطلاق لقوله: وإذا وقع نهي أو نفي قبل أو كانت بمعنى الواو مردفة بلا فأطلق ولم يقيد. أما كلامه في المتن فيمكن حمله على التي للإباحة والتخيير. وذلك بأن تجعل الضمير الذي هو فاعل يوافق عائد على أقرب مذكور وهو أو التي للتخيير أو الإباحة. على أن المصنف لم يصرح بالإباحة كما بالتخيير لكنه لما قال: وتعاقب الواو في الإباحة كثيرا علم منه أنها تكون للإباحة وكان الواجب أن يصرح بذكرها.

وأما المعنى الذي ذكره الجماعة ولم يذكره المصنف فهو التفصيل.

قال ابن عصفور: وهو أن تأتي بها عقب إجمال لتفصله بها ودلت نحو قولك:

اجتمع القوم، فقالوا: حاربوا أو صالحوا أي قال بعضهم حاربوا وبعضهم صالحوا ومن ذلك قوله تعالى: وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا (١) ألا ترى أن اليهود والنصارى جمعوا في أمر واحد حين أخبر عنهم بأنهم قالوا، ثم فصل بأو ما قالت اليهود [وما] قالت النصارى.

وقوله: قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٢) فجمع القائلون في شيء واحد حين أخبر عنهم بأنهم قالوا ثم فصل بأو قول بعضهم من قول بعض فكأنه قيل: قال بعضهم:

ساحر، وقال بعضهم مجنون، ومن ذلك قول الشاعر:

٣٣٠٨ - كلانا بكى أو كاد يبكي صبابة ... إلى إلفه واستعجلت عبرة قبلي (٣)

ألا ترى أن قوله: كلانا لفظ شامل له [٤/ ١٦٤] ولإلفه وأن أو فصلت خبره من خبر إلفه وكأنه قال: بكى أحدنا وكاد يبكي الآخر، والباكي منهما هو إلفه بدليل قوله واستعجلت عبرة قبلي، وقول الآخر:

٣٣٠٩ - وتلاف قبل الفوت ثأري إنّه ... علق بثوبي داهن أو ناعب (٤)

ألا ترى أن أو فصلت الثوبين وجعلت أحدهما لداهن والآخر لناعب وكأنه قال -


(١) سورة البقرة: ١٣٥.
(٢) سورة الذاريات: ٥٢.
(٣) البيت من الطويل، وانظره في التذييل (٤/ ١٦٥).
(٤) البيت من الكامل، وداهن، وناعب: من بطون العرب وانظر التذييل (٤/ ١٦٥)، واللسان:
دهن، نعب.

<<  <  ج: ص:  >  >>