للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا تضرب زيدا ولكن عمرا فالمعنى ولكن اضرب عمرا. وإنما امتنع وقوعها بعد الإيجاب لأن ما بعدها لا بد أن يخالف ما قبلها لأن وضعها لذلك فيلزم أن يكون ما بعدها منفيّا إذا كان ما قبلها موجبا، والنفي في كلام العرب لا يكون إلا بأداة نفي. وكما امتنع وقوعها بعد الإيجاب امتنع وقوعها بعد الاستفهام لأنها لاستدراك المنفي قبلها أو المنهي عنه لما بعدها والمستفهم لم ينف شيئا ولا أثبته [٤/ ١٦٨] ولا نهى عن شيء ولا أمر به.

ولا تكون لكن عاطفة عند أكثر النحويين إلا إذا لم تدخل عليها الواو، فإذا دخلت عليها الواو كانت هي العاطفة عندهم وتخلصت لكن لمعنى الاستدراك.

واستعمال لكن إذا وقع بعدها المفرد لفظا وتقديرا بغير واو لم يسمع من كلام العرب، وإنما قاله النحويون بالقياس.

وذكر أبو علي عن يونس أنه كان ينكر أن يقال: ما ضربت زيدا لكن عمرا (١).

قال: وموضع الإنكار أن نقول: إن هذا حرف كان يدخل قبل التخفيف على المبتدأ والخبر فينبغي أن يكون بعد التخفيف كذلك (٢). ألا ترى أن سائر أخواتها كذلك. وأطال ابن عصفور الكلام في ذلك ثم قال: والصحيح عندي ما ذكره يونس من أنها لا تستعمل إلا بالواو. وأنشد أبياتا إلا أنه بعد ذلك قال: ولكن مع ذلك هي العاطفة والواو زائدة كما زيدت، ثم لما دخلت عليها الفاء في قول زهير:

٣٣٣١ - ..... ... فثمّ إذا أصبحت ....

قال: وذلك لأن الواو تشرك لفظا ومعنى وما بعد لكن مخالف لما قبلها في المعنى فدل ذلك على أن لكن هي العاطفة وأن الواو زائدة مثلها في قول الشاعر:

٣٣٣٢ - ولمّا رأى الرّحمن أن ليس فيهم ... رشيد ولا ناه أخاه عن الغدر

وصبّ عليهم تغلب ابنه وائل ... وكانوا عليهم مثل راعية البكر (٣)

يريد صب عليهم. قال: وعلى ما ذكرته ينبغي أن يحمل مذهب سيبويه والأخفش لأنهما قالا إن لكن من حروف العطف فلما مثلا العطف بها مثّلاه بالواو -


(١) الكتاب (١/ ٤٣٥، ٤٣٩).
(٢) قاله أبو علي في التذكره - التذييل (٤/ ١٤٩).
(٣) تقدم البيتان.

<<  <  ج: ص:  >  >>