للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقد شذ الكسائي والرياشي (١) في دعواهما أن الحركة في يا زيد حركة إعراب (٢)، ولا يخفى أن هذا مما لا ينبغي التشاغل به، إذ فيه خرم للقواعد وهدم للأصول، نعم الأخفش يقول إن نحو يا رجل معرب لأنه يقول إنه في نية يا أيها [٤/ ١٨٤] الرجل ونابت مناب الألف واللام ولهذا سقط التنوين. وقد رد مذهبه بقول العرب: يا فاسق الخبيث والخبيث، وما ذاك إلّا لأنه غير معرب.

ومنها: أنك قد عرفت أن قول المصنف: ولا عامل في ما بعده يشمل المضاف والمشبه به وهو المعبر عنه بالمطول وبالممطول أيضا من قوله: مطلت الحديدة إذا مددتها، وهو كل اسم موصول بشيء هو كالتمام له عمل الأول في الثاني النصب لفظا، نحو: يا ضاربا زيدا، أو محلّا نحو: يا خيرا من زيد، أو الرفع نحو:

يا حسنا وجهه ويا مضروبا غلامه، أو لم يعمل لكن ثم ما يقوم مقام العامل وهو حرف العطف نحو: يا ثلاثة وثلاثين إذا كان اسم رجل واحد فالأول منصوب لأنه مشبه بالمضاف من حيث إن الثاني من تمام الأول؛ لأن التسمية وقعت بالكلمتين مع حرف العطف. ولما كان حرف العطف يقتضي معطوفا عليه وهو بمنزلة العامل صار كأن بعض الاسم عمل في الآخر فأشبه ضاربا زيدا والثاني منصوب بالعطف على الأول. ولما لم يعبر المصنف عن المطول بما عبر به غيره وكانت العبارة التي أتى بها إنما يدخل تحتها مع المضاف من المطول ما يكون عاملا في ما بعده احتاج أن يقول بعد ذلك: ولا مكمل قبل النداء بعطف نسق. وأفاد قوله: قبل النداء فائدة وهي:

أن العطف لو حصل حال النداء لم يكن له أثر في نصب المنادى.

ومن ثم قال ابن السراج في قولنا: (يا) ثلاثة وثلاثين إذا كانا اسما واحدا وليس هذا بمنزلة قولك للجماعة: يا ثلاثة وثلاثون، لأنك في هذا يا أيها الثلاثة والثلاثون (٣). انتهى.

فقد فرق بين المسألتين كما رأيت. وليس الفرق إلّا ما أفاده كلام المصنف من أن -


(١) أبو الفضل العباس بن الفرج، كان أبوه عبدا لرجل من بني جذام اسمه رياش، أخذ عن المازني، تصانيفه غير نحوية، قتل في موقعة الزنج بالبصرة (٢٥٧ هـ)، الأعلام (٤/ ٣٧)، والنشأة (ص ١١٢)، ووفيات الأعيان (١/ ٢٤٦).
(٢) الارتشاف (٣/ ١٢٠)، والهمع (١/ ١٧٢).
(٣) الأصول (١/ ٣٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>