للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فعلم منه أن المذكور قبل مذهب لغيره. فكيف يقال إنه إنما ذكر الأوجه على سبيل التسويغ، ثم اعلم أنه لا يخفى ضعف القول بالتركيب أعني تركيب الاسم الأول مع الثاني؛ لأن البناء خلاف الأصل، ولا ينبغي أن يدعي ما وجدت عنه مندوحة.

وأما القولان الآخران فالعمل عليهما. لكن قد رجح مذهب سيبويه على مذهب المبرد بأن مذهب المبرد يلزم منه إيقاع الظاهر موقع المضمر وتكرير كلمتين، وليس في قول سيبويه إلّا زيادة ... فكان أولى.

لكن قد يقول المبرد: لمّا لم يذكر الاسم الأول ساغ ما قلته، ولا يلزمني ما قلتم.

وقال ابن عصفور بعد أن ذكر أنّ في نحو: يا زيد زيد عمرو إذا نصب الأول الخلاف (١): «سيبويه» يقدر الأصل يا زيد عمرو زيد عمرو، ثم حذف عمرو الثاني لدلالة الأول عليه فبقي يا زيد عمرو زيد ثم قدم زيد وأقحم بين المضاف والمضاف إليه (٢)، وأما المبرد فيقدر الأصل: يا زيد عمرو زيد عمرو فحذف عمرو الأول لدلالة الثاني عليه (٣). قال المبرد: في كلا المذهبين حذف، وفي مذهب سيبويه تقديم وإقحام فما ذهبت إليه أولى (٤).

قال ابن عصفور: وهذا الذي قال ليس بصحيح؛ لأن المضاف إليه إذا حذف عاد التنوين تقول: أعطيته بعض الدراهم، فإذا حذفت المضاف إليه قلت بعضا إلّا أن يكون في اللفظ كالمضاف كقوله:

٣٤٤٩ - إلّا علالة أو بدا ... هة سابح نهد الجزاره (٥)

فحذف التنوين من بداهة؛ لأنه في اللفظ كالمضاف وحذف من علالة؛ لأنه المضاف حقيقة. قال: وأيضا فإن مذهب المبرد على غير طريقة الحذف؛ لأنه لا يحذف الأول لدلالة الثاني عليه، وإنما يحذف الثاني لدلالة الأول عليه. قال:

والدليل على فساد مذهبه أنه لا يخلو إما أن يقدر إلا علالة سابح، أو بداهة سابح، -


(١) شرح الجمل (٢/ ٩٦ - ٩٨).
(٢) راجع حاشية الأعلم على الكتاب (١/ ٣١٥) وتعليق السيرافي على ذلك.
(٣) ويقدر - أيضا - أن الثاني أقحم لتأكيد الأول. راجع له الكامل (٣/ ٢١٧)، والمقتضب (٤/ ٢٢٧).
(٤) شرح الجمل (٢/ ٩٦ - ٩٨).
(٥) البيت من بحر الكامل وهو للأعشى ديوانه (ص ١٥٩)، وهو في المفصل (ص ٥٠)، وفي شرح المفصل (٣/ ٢٢)، والعيني (٣/ ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>