للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

نداء هاتين الكلمتين إنما يكون بحذف الياء والتعويض عنها بالتاء، بل يا أبي ويا أمي يجوز فيهما من الأوجه ما جاز في يا غلامي من الأوجه المتقدم ذكرها في باب الإضافة (١) ومع جواز الأوجه المذكورة يجوز فيها ما أشار إليه، وهو التعويض عن الياء بتاء مكسورة أو مفتوحة.

وفي شرح المفصل لابن عمرون: ويجوز يا أبت ويا أمت بضم التاء على التشبيه بتاء طلحة غير مرخم. وقد ذكر المصنف أن التاء قد تجامع الألف والياء في الضرورة مستشهدا على ذلك بما تقدم. فعلى هذا يكون في الياء يا أبي ويا أمي أربعة أوجه غير الأوجه التي تقدمت الإشارة إليها في باب الإضافة وهي ستة.

إذا عرف هذا فاعلم أن ابن عمرون قال: قولهم (يا أبت) التاء للمبالغة في معنى الأبوة و (يا أمت) الأم مؤنثة، والتاء فيهما تاء تأنيث عوضت عن الياء الياء كونها للتأنيث فلأنهم يبدلونها هاء في الوقف، وأما كونها عوضا عن الياء. فلأنه لا يجمع بينهما، وقال الكوفيون: ليست عوضا من الياء. ولو كان كما زعموا لكانت التاء حشوا، وإذا كانت تاء التأنيث حشوا لا تقلب في الوقف هاء. قال سيبويه: إنما يلتزمون هذه الهاء في النداء إذا أضفت إلى نفسك خاصة كأنهم جعلوها عوضا من حذف الياء. وأرادوا أن لا يخلّوا بالاسم حين اجتمع فيه حذف الياء وأنهم لا يكادوا يقولون: يا أباه ويا أماه، وهي قليلة فكأن [أبت] اسم لمؤنث يقع على المذكر لأنهما والدان كما تقع العين للمؤنث والمذكر لأنهما شخصان. وكأنهم إنما قالوا أبوان لأنهم جمعوا بين أب وأبت إلا أن أبت لا يكون مستعملا إلا في النداء إذا عنيت المذكر واستغنوا بالأم (٢). ولا يجوز دخول الهاء في عم لأن له مؤنثا من لفظه، فإذا وصلت يا أبت بما بعده جاز كسر التاء وهو المختار؛ لأن الكسرة من الياء فبينها وبين الياء المحذوفة مناسبة فكانت أولى. وقيل: الكسرة التي قبل الياء تقلب إلى التاء؛ لأن ما قبلها لا يكون إلّا مفتوحا فحوّلوا الكسرة إلى التاء ويا أبتا ويا أمتا بألف بعد التاء فيه جمع بين عوضين وهو أسهل من الجمع بين العوض والمعوض منه.

وجاز أيضا فتح التاء وفيه وجهان. أحدهما: أنه حذف الألف تخفيفا من يا أبتا، -


(١) انظر باب الإضافة.
(٢) الكتاب (٢/ ٢١١، ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>