للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا سألت فاسأل (١) الله وإذا استعنت فاستعن بالله» (٢) فيمكن أن يكون في أصل الوضع متعديا بالحرف وأنه يصل إلى نصب متعلقه بإسقاط الخافض، ولا يمكن أن يدعى ذلك في استغاث؛ لأن المستغاث منادى. وقد علم أن المنادى مفعول بفعل مقدر. فإذا قيل: يا زيد فالتقدير أدعو زيدا، تقدم لنا ذكر ذلك.

ثم إن الشيخ ناقش المصنف ثانيا في قوله: إذا استغثت المنادى أو تعجبت منه.

قال: لأن كلامه يقتضي أن المستغاث به والمتعجب منه يكون منادى. قال:

والمنادى لا يكون ذلك إلا في ما استثني (٣). انتهى.

وكان الشيخ فهم أن مراد المصنف بقوله: المنادى الاسم الذي من شأنه أن ينادي وليس مراده ذلك. إنما المراد بالمنادى الاسم الذي تطلب إقباله عليك، ولهذا قال في شرح الكافية: «إذا نودي المنادى ليخلص من شدة أو يعين على دفع مشقة فنداؤه استغاثة وهو مستغاث (أو مستغاث به)» (٤).

فبين بهذا الكلام أن المنادى كما أنه مطلوب إقباله فالمستغاث مطلوب منه الإقبال أيضا، لكن ليخلص المنادى مما هو فيه أو يعينه على دفع ما يكره. ثم حكم المستغاث بعد ذلك أن يجر بلام أو يختم بألف، وقد يخلو عنهما إذا دلّ على الاستغاثة دليل وهو أن يذكر بعد الاسم المنادى مستغاثا من أجله كما سيأتي.

ولا يفهم من هذا أن الاسم المستغاث هو الاسم الذي ينادى حتى يورد على هذا أن المنادى لا يكون ذا «ال» والمستغاث قد يكون ذا «ال».

الثاني:

نصّوا على أنه لا ينادى على سبيل الاستغاثة إلّا «بيا» من بين سائر حروف النداء قالوا: لأنها أم الباب. وندر قول عمر - رضي الله تعالى عنه - لعمرو بن العاص:

«وا عجبا لك يا ابن العاص» (٥). ثم كون يا لا يجوز حذفها مع المستغاث قد عرف في أول الباب. -


(١) الأصل: فسل.
(٢) انظره في الترمذي: صفة القيامة، باب (٥٩).
(٣) التذييل (٤/ ٢١٣).
(٤) شرح الكافية الشافية (٣/ ١٣٣٤).
(٥) البخاري: المظالم (٤٦)، وشواهد التوضيح (ص ٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>