للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رحمه الله تعالى: كأنّه قال بعد تمام الكلام: احذر المراء، وقال ابن أبي إسحاق (١):

الأصل: إيّاك عن المراء فحذف حرف الجر لمّا كان المراء بمعنى: أن تمارى فحمله عليه من حيث المعنى على شذوذه. وأقول: إذا قدّر [ناصب] لـ «المراء» وهو الأظهر (٢) فينبغي أن يجوز اظهاره إذ لا تكرير ولا عطف حينئذ.

ومن ثمّ قال ابن عصفور (٣): إن حذفت الواو - يعني: إن لم تأت بها - لم يلتزم إضمار الفعل وأنشد البيت المذكور (٤)، وقال: تقديره: دع المراء، قال:

ولو كان في الكلام جاز إظهار هذا الفعل.

وقد اقتصر المصنف في ذكر جر الاسم المذكور على «من» والنحاة ذكروا الجرّ بـ «عن» أيضا فيقال: إيّاك من الأسد، وإيّاك عن الأسد، والتقدير: باعد نفسك من الأسد أو عن الأسد، فحرف الجر متعلق بالفعل المحذوف، هذا هو المعمول به والمعوّل عليه (٥).

ومن الناس من يقول: التقدير: أحذّرك من الأسد أو عن الأسد حتى بني على ذلك فقيل: من قدّر «باعد» منع أن يقال: إيّاك الأسد (٦)، ومن قدّر: «أحذّر» أجاز ذلك (٧)، لكن قد عرفت أنّ «إيّاك الأسد» ممتنع عند العامة (٨)، وعرفت -


(١) في الكتاب (١/ ٢٧٩): «ولو قلت: إيّاك الأسد تريد من الأسد لم يجز كما جاز في أن إلا أنهم زعموا أنّ ابن أبي إسحاق أجاز هذا البيت في شعر:
إيّاك إيّاك المراء فإنّه ... إلى الشّرّ دعّاء وللشّرّ جالب
كأنه قال: إيّاك ثم أضمر بعد إيّاك فعلا آخر فقال: اتّق المراء».
(٢) هو مذهب سيبويه انظر الكتاب (١/ ٢٧٩) والمقتضب (٣/ ٢١٣).
(٣) انظر شرح الجمل لابن عصفور (٢/ ٤١٠، ٤١١).
(٤) هو:
فإيّاك إيّاك المراء فإنّه ... إلى الشّرّ دعّاء وللشّرّ جالب
(٥) هذا مذهب الجمهور انظر التصريح (٢/ ١٩٣) والكتاب (١/ ٢٧٩).
(٦) هذا قول الجمهور لما يلزم عليه من حذف من ونصب المجرور وهو غير مطّرد إلا مع أن وكي. انظر التصريح (٢/ ١٩٣).
(٧) لأن أحذر يتعدى إلى اثنين من غير واسطه، وانظر التصريح (٢/ ١٩٣) وحاشية يس على التصريح (٢/ ١٩٣).
(٨) في المقتضب (٣/ ٢١٣): «فأما إيّاك الضرب فلا يجوز في الكلام كما لا يجوز إيّاك زيدا».

<<  <  ج: ص:  >  >>