للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ونحو هذا «فعل» في ما عينه ياء من «فعل» فحوّلوه إلى «فعل» ونقلوا الكسرة إلى الفاء في «بعته» ونحوه ليدلّ بها على أن العين المحذوفة مجانسة للحركة المنقولة.

والحاصل: أن «فعل» الذي عينه «واو» حين عرض حذف عينه لسكون لامه حوّل إلى «فعل» واستصحب ما كان له من التّعدية لأن الضّمة عارضة يعتدّ بها.

والتزم في مضارع «فعل» ضم عين مضارعة نحو: شرف يشرف، وظرف يظرف، وروي عن بعض العرب (١): كدت تكاد، فجاء بماضيه على «فعل» وبمضارعه على «يفعل»، وهو عندي من تداخل اللغتين (٢)، فاستغني بمضارع أحد المثالين عن مضارع الآخر، فكان حق كدت بالضم أن يقال في مضارعه:

يكود، ولكن استغنى عنه بمضارع المكسور الكاف فإنه على «فعل» فاستحق أن يكون مضارعه على «يفعل» فأغناهم يكاد عن يكود كما أغناهم ترك عن ماضي «يذر» و «يدع» في غير ندور مع عدم اتحاد المادة، بل اغناء يكاد عن يكود مع كون المادة واحدة أولى بالجواز» انتهى كلامه رحمه الله تعالى (٣).

وعرف منه: أن الذي هو لمعنى مطبوع عليه ما هو قائم به نحو: كرم، ولؤم، وجبن، وحسن، وفصح، وأن الذي هو لمعنى كمطبوع عليه: فقه وشعر وخطب، إذا صار ذلك طبعا له، وأن الذي هو شبيه بأحدهما: جنب الرجل جنابة. ثم لك أن تقول: لم يكن «رمت» و «طلت» على وزن «فعل» فيحتاج إلى أن يقال فيه: إنه إنما تعدّى لكونه محولا بل هما على وزن «فعل» غاية ما في الباب أن الكلمة حصل فيها تغيير لفظي لموجب (٤)، ويدل على ما قلته قول المصنف:

«واستصحب ما كان له من التّعدية».

ثم إن «فعل» الذي هو غير متعد إنما هو «فعل» بالوضع لا «فعل» بالتحويل، -


(١) في الكتاب (٤/ ٤٠): «وقد قال بعض العرب: كدت تكاد فقال: فعلت تفعل كما قال: فعلت أفعل، وكما ترك الكسرة كذلك ترك الضمة وهذا قول الخليل وهو شاذ من بابه».
(٢) انظر المفصل (ص ٢٧٧، ٢٧٨) وابن يعيش (٧/ ١٥٤)، والمراد بتداخل اللغات: أن قوما يقولون: فضل بالفتح يفضل بالضم وقوما يقولون: فضل بالكسر يفضل بالفتح ثم كثر ذلك حتى استعمل مضارع هذه اللغة مع ماضي اللغة الأخرى لا أن ذلك أصل في اللغة. وكلام ابن مالك يشير إلى ذلك المعنى.
(٣) انظر شرح التسهيل لابن مالك (٣/ ٤٣٧).
(٤) وهو اتصالها بضمير الرفع المتحرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>