للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإذ قد تقرر هذا فلنرجع إلى ألفاظ الكتاب فنقول:

قوله: كمكانك بمعنى: اثبت يفيد أن مكانك لا يتعدى، وقد تقدم من كلام ابن عصفور أن مكانك يوضع موضع ما هو متعد وما هو غير متعد، قال ابن عصفور (١):

«ولم يحفظ البصريون إلا كون هذه الكلمة لازمة، وحفظ الكوفيون كونها متعدية بمعنى: انتظر، فيقولون: مكانك زيدا» انتهى.

ولا شك أن إثبات كونها متعدية يحتاج إلى دليل.

وقوله: وعندك ولديك ودونك بمعنى: خذ - يفيد أن ثلاث الكلمات متعدية.

أما «عندك» فقد ذكر ابن عصفور أنها تستعمل لازمة كما تستعمل متعدية، ولم يستشهد على ذلك بشيء، وتبعه

الشيخ في ذلك فقال (٢): «وتكون لازمة فتستعمل بمعنى تخوّف وتقدّم» (٣).

وأقول: إن ذلك يحتاج إلى دليل، ثم كيف يكون معنى «عندك» تقدّم.

ولا شك أن الأمر بالتقدم ينافي قوله: عندك؟

وأما «دونك» فأثبتها ابن عصفور متعدية؛ لكن قال الشيخ: (٤): «وتستعمل لازمة بمعنى تأخّر، ولم يذكر على ذلك شاهدا، وأنشد لجرير:

٣٦٤٣ - أعيّاش قد ذاق القيون مرارتي ... وأوقدت ناري فادن دونك فاصطلي (٥)

-


(١) يبدو أنه في شرح الإيضاح لأنني لم أعثر عليه في كتبه التي بين أيدينا كما أنه متصل بالكلام السابق عن ابن عصفور.
(٢) انظر التذييل (٦/ ٢١٨).
(٣) قال سيبويه في الكتاب (١/ ٢٤٩): «وأما ما لا يتعدى المأمور ولا المنهيّ فقولك: مكانك وبعدك إذا قلت: تأخر أو حذرته شيئا خلفه، وكذلك عندك إذا كنت تحذره من بين يديه شيئا أو تأمره أن يتقدم» وانظر اللسان (عند).
(٤) انظر التذييل (٦/ ٢١٨، ٢١٩).
(٥) هذا البيت من الطويل وهو لجرير (ديوانه: ٢/ ٦٢).
الشرح: عياش: هو ابن الزبرقان، والقيون: جمع قين وهو الحداد وقيل: كلّ صانع قين، ويجمع أيضا على أقيان، والقين أيضا: العبد والجمع قيان، والمراد هنا الأول بدليل الجمع على «قيون» وإن كان الأظهر أن يراد الثاني ولعله كذلك وإن كان أخطأ في الجمع لأن المراد بالقيون قوم الفرزدق، وقوله:
فادن دونك: أي قريبا بمعنى: اقترب مني، «فاصطلي» الاصطلاء: الاستدفاء بالنار. -

<<  <  ج: ص:  >  >>