للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«مسلمين» ونحوه، فقوبلت التاء بالكسرة، والنون [٥/ ٥٢] بالتنوين ولذلك إذا سمي بـ «مسلمات» بقي تنوينه كما تبقى نون «مسلمين» إذا سمي به، ومنه قوله تعالى فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ (١) وقال الشاعر (٢):

٣٦٩٤ - تنوّرتها من أذرعات وأهلها ... بيثرب أدنى دارها نظر عال (٣)

فلو كان تنوين «مسلمات» تنوين صرف لزال عند العلمية كما يزول تنوين «مسلمة» إذا صار علما فإن في كل منهما بعد التسمية من العلمية والتأنيث ما في الآخر وتأنيث «مسلمات» أحق بالاعتبار لوجهين:

أحدهما: أنه تأنيث معه جمعية.

والثاني: أنه تأنيث بعلامة لا تتغير في الوقف بخلاف تأنيث «مسلمة» واعتبار ما لا يتغير وصلا ولا وفقا أولى من اعتبار ما يتغير وقفا.

وأما التنوين المشترك فيه فهو الذي يسمى: تنوين التّرنّم، وإنما هو عوض من الترنم لأن الترنم مدّ الصوت بمدة تجانس حركة الروي، فالأصل إذا قيل تنوين الترنم:

تنوين ذي الترنم، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، قال سيبويه (٤): أما -


(١) سورة البقرة: ١٩٨.
(٢) هو امرؤ القيس انظر ديوانه (ص ١٤١).
(٣) هذا البيت من الطويل. الشرح: تنورتها: يعني نظرت إلى نارها، وإنما يعني بقلبه لا بعينه، يقال:
تنورت النار من بعيد أي تبصرتها فكأنه من فرط الشوق يرى نارها وأذرعات: مدينة كورة البثية من كور دمشق وفي اللسان (ذرع): بلد ينسب إليه الخمر و «يثرب» مدينة النبي صلّى الله عليه وسلّم قوله: أدنى دارها نظر عال: يقول: كيف أراها وأدنى دارها نظر مرتفع، وقيل: أقرب دارها مني بعيد، والحاصل أن القريب من دارها وأدنى دارها نظر مرتفع، وقيل: أقرب دارها مني بعيد، والحاصل أن القريب من دارها بعيد، فكيف بها ودونها نظر عال؟ والشاهد في قوله أذرعات حيث صرفها مع أنها علم مؤنث وذلك لأن التنوين فيها في مقابلة النون في جمع المذكر السالم والضمة والكسرة في مقابلة الواو والياء فيه فجرى في الصرف مجراه. وانظر البيت في الكتاب (٣/ ٢٣٣)، والمقتضب (٣/ ٣٣٣)، (٤/ ٣٨)، وابن يعيش (١/ ٤٧)، (٩/ ٣٤)، والخزانة (١/ ٢٦).
(٤) هذا الكلام نقله ابن مالك عن سيبويه ولكن بتصرف ونص سيبويه هو: قال في الكتاب (٤/ ٢٠٤):
«أما إذا ترنموا فإنهم يلحقون الألف والياء والواو ما ينون وما لا ينون لأنهم أرادوا مد الصوت ثم قال في (٤/ ٢٠٦: ٢٠٧): فإذا أنشدوا ولم يترنموا فعلى ثلاثة أوجه: أما أهل الحجاز فيدعون هذه القوافي ما نون منها وما لم ينون على حالها في الترنم، ليفرقوا بينه وبين الكلام الذي لم يوضع للغناء، وأما ناس كثير من بني تميم فإنهم يبدلون مكان المدة النون فيما ينون، وما لم ينون لما لم يريدوا الترنم أبدلوا ...».

<<  <  ج: ص:  >  >>