للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شيخنا الشيخ: أثير الدين أبي حيان محمد بن يوسف الجياني الغرناطي. أمتع الله تعالى بفوائده الجمة، وأهدى إلى روحه روح الرضا والرحمة، ففتح مغالقه المعضلة، وفكّ تراكيبه المشكلة، وأجمل في تفصيل مبانيه المجملة؛ فتم بذلك التكميل الأرب، وأقبل المشتغلون ينسلون إليه من كل حدب، ثم اقتضت نعمه العلية، ومقاصده المرضية أن يضيف إلى ما وضعه شرح بقية الكتاب ليكون مصنفا مستقلّا، وغماما على المتعطشين مستملّا، فوضع كتابا كبيرا سائغ الذيول جم النقول عزيز الفوائد، كثير الأمثلة والشواهد، أطال فيه الكلام، ونشر الأقسام إلا أنه جمع فيه بين الدّرّ والصّدف، ومزج بسنا ضوئه غبش السّدف، وتحامل في الرد والمؤاخذات تحاملا بينا، وبالغ حتى صارت المناضلة عن المصنف لازمة، والانتصار له متعينا.

ولقد خرج الكتاب المذكور بسبب الإطالة عن مقصود الشرح، وصار فيه للمتأمل سبيل إلى القدح، مع أن المعتني بحمل الكتاب لا يحظى منه بطائل، ولا يظفر ببغيته إلا بعد قطع مهامه وطي مراحله.

وأما شرح المصنف فالناظر فيه لا يرضيه الاقتصار عليه، ولا يقنعه ما يجده لديه؛ بل تتشوف نفسه إلى زيادات الشرح الكبير، ويرى أنه لم يحط بها علما كان منسوبا إلى التقصير؛ فرأيت أن أضرب بقدح وأرجو أن يكون القدح المعلى بين القدحين، وأن أضع على هذا التصنيف ما هو جامع لمقاصد الشرحين وأتوخى الجواب عمّا يمكن من مؤاخذات الشيخ، ومناقشته بالبحوث الصحيحة، والنقود الصريحة مع ذكر زيادات انفرد بها هذا الكتاب وتنقيحات يرغب فيها المتيقظون من الطلاب» (١).

من هنا نستطيع أن نقول: إنّ ناظر الجيش قد عرف قيمة التسهيل، وأدرك أنه كتاب ذو فائدة عظيمة، كما أنه لم يغفل شرح المصنف عليه؛ إلا أنه مختصر لا يقنع الطالب ولا يرضي الباحث، وهو أيضا لم يغفل شرح الشيخ أبي حيان؛ حيث أشار إلى أنه شرح عظيم الفائدة يستحق التقدير.


(١) انظر: شرح التسهيل لناظر الجيش (الجزء الأول ومقدمة الشرح المذكور).

<<  <  ج: ص:  >  >>