وفي شرح المفصل لابن عمرون - رحمه الله تعالى:«لو سمي بمدائن محاريب فقيل: حكمه الإضافة، لأن باب الإضافة أوسع من باب الأسماء المركبة، ولو أجري على طريقة «حضر موت» كان قياسه أن يصرف في النكرة، كذا ذكر الرماني (١)، وقال الزمخشري: إذا ركبت اسما من كلب صفراء قلت: هذا كلب صفراء فلم تصرفه للعلمية والتركيب، فإذا نكرته صرفته فقلت: رب كلب صفراء، وقال ابن بابشاذ: لو سمينا رجلا بمحاريب مساجد بالكلمتين معا لكان حكمه كحضر موت؛ لأنك لما أدخلت هذا باب التركيب أعطيته حكمه فصرفته في النكرة كصياقل لا ينصرف، فإذا دخلته تاء التأنيث انصرف في النكرة، ولو سميت باسمين مركبين وفي آخر الثاني علة تقوم مقام علتين، مثل صاحب حمراء لصرفته في النكرة لدخوله في باب ما لا ينصرف في النكرة، ولو ثنيت لم تقلب همزته بل تفردها فتقول: صاحب حمراءان، قال ابن عمرون بعد ذكره ذلك: والذي أراه ما ذكره ابن خروف أن العلة إن كانت مما يمنع من الصرف وحدها لم ينصرف في النكرة؛ ولذلك إذا كان آخر المركب أحد هذه الأسماء نحو: رام سكران الثاني غير مخفوض بالكسرة في المعرفة والنكرة؛ لأنك لما نكرته بقيت فيه علة لا ينصرف الاسم الذي هي فيه أبدا مركبا كان أو غير مركب، وصرف مثل هذا خطأ في النكرة، وكذا تثنية حمراء في التركيب كتثنيتها قبل التركيب، وإثبات الهمزة في التثنية فاسد، وتشبيه ابن بابشاذ المركب بصياقلة لا وجه له؛ لأن التاء دخلت الاسم الأول وركب معها ومنعته ما يكون فيه إذا لم تدخل عليه، ومساجد حمراء لم يدخل عليها شيء، وحمراء آخر الكلمة فلم يجر فيه حكم ما دخلته تاء التأنيث، والذي بمنزلة صياقل الاسم الأول، وعزا ابن بابشاذ القول إلى الأخفش وهو فاسد قاله من قاله» انتهى.
والظاهر ما أشار إليه، وقد قلنا إن الذي يقتضيه كلام المصنف أن مختاره ذلك عدم الصرف، فقد وافق كلام ابن عمرون كلامه في المسألة، ولا يخفى أن ابن عمرون من الحذاق المعتبرين، فرحمهم الله تعالى أجمعين بمنه وكرمه. -
(١) الرماني: علي بن عيسى بن علي مفسر من كبار النحاة: له نحو مائة مؤلف منها: شرح أصول ابن السراج، وشرح سيبويه (حققه د/ الزهيري بالمنصورة) وتوفي سنة (٣٨٤ هـ) (٢/ ٢٩٤، ٢٩٦)، وبغية الوعاة (٢/ ١٨٠: ١٨١)، والأعلام (٤/ ٣١٧).