للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«اللام» و «حتى» فلأنهما حرفا جر ومعناهما إذا نصب الفعل بعدهما كمعناهما فوجب أن يقدر ما دخلتا عليه اسما ولا يقدر الفعل إلا بحرف مصدري، ولا جائز أن يكون ذلك الحرف «أنّ»؛ لأنها لا دخول لها على الأفعال، ولا جائز أن يكون «ما» لأن الفعل منصوب و «ما» لا تنصب ظاهرة فكيف تنصب مضمرة؟ ولا جائز أن يكون «كي» أما إن كانت الجارة فظاهر، وإن كانت غير الجارة فلم يثبت لها أن تعمل مضمرة، كيف والكوفيون ينفون أن تكون «كي» ناصبة أصلا ويجعلون النصب بعدها بإضمار «أن» كما تقدم (١) التنبيه على ذلك؟

وإذا كان كذلك تعيّن أن المقدر بعد الحرفين المذكورين - أعني «اللام» و «حتى» - هو «أن» ويقوي ذلك - أعني أن المقدر هو «أن» - إظهارهم لها مع «اللام» فدل ذلك على أنها هي مضمرة مع «اللام» وغير اللام أيضا.

وأما «الفاء» و «الواو» فلأنهما حرفا عطف، ولما وقعا صدر أجوبة الأمور التسعة المذكورة (٢) وتعذر عطف الثاني على الأول للمخالفة التي بينهما - كما سيبين بعد - عدل عن عطف الفعل على الفعل إلى عطف الاسم على الاسم ولا يمكن ذلك إلا بتأويل جعل الأول اسما، وإذا جعل اسما فلا يعطف عليه الفعل إلا بتأويل الاسم، وحينئذ تعيّن تقدير «أن» فكانت مع الفعل الذي نصبته في تأويل المصدر، ولزم أن يكون المعطوف عليه مصدرا متوهما يدل عليه الفعل المتقدم (٣)، فإذا قيل: ائتني فأكرمك، فالتقدير: ليكن إتيان منك فإكرام مني، وكذا إذا قيل:

ما تأتينا فتحدثنا، فالتقدير: ما يكون منك إتيان فحديث. وأما «أو» فإما أن تقدّر عاطفة فالكلام فيها كالكلام في «الفاء» و «الواو»، وإما أن تقدّر بمعنى «إلى» فالكلام فيها كالكلام في «اللام» و «حتى»، وإما أن تقدّر بمعنى «إلّا» منقطعة، و «إلّا» المنقطعة لا يقع بعدها إلا الاسم وحينئذ يجب تقدير «أن» بعدها.

واستدل الكوفيون (٤) على أن النصب بالخلاف بأن قالوا: إن الثاني لم يكن -


(١) انظر الحديث عن «كي» في المتن الذي قبل المتن السابق.
(٢) وهي: الأمر، والنهي، والدعاء، والاستفهام، والعرض، والتمني، والتحضيض، والرجاء، والنفي.
(٣) انظر: الأشموني (٣/ ٣٠٥، ٣٠٦).
(٤) انظر: ابن يعيش (٧/ ٢١)، والتذييل (٦/ ٥٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>