ألا ترى أنك لو قدرت: تعش ذا يسار كي تموت، أو: إلى أن تموت، أو: إلا أن تموت لم يكن المعنى صحيحا؛ إذ لا يلزم من التماس الغنى عيشة في يسار إلا أن يقع الموت أو إلى أن يقع الموت، وأما التعليل فظاهر البطلان، وإنما المعنى: والتمس الغنى يكن لك عيش في يسار أو موت قبل إدراك اليسار فتعذر إذ لم يكن منك عجز وتقصير فهي هنا لأحد الشيئين، فهذا عطف على مصدر متوهم سبك من قوله:
تعش ذا يسار، ولو عطف على تعش ذا يسار فجزم وقال: أو تمت لكان المعنى صحيحا وكان يكون من عطف الفعل على الفعل لا من عطف الاسم على الاسم.
ثم قال: وزعم بعض أصحابنا أن النصب في هذا البيت ضرورة وبنى ذلك على أن النصب بعد «أو» لا يكون إلا إن تقدرت بـ «إلّا أن» وهنا لا تتقدر فلا يجوز ذلك. قال: وقد بينا نقض ذلك فيما تقدم. انتهى ما ذكره الشيخ.
ولقائل أن يقول: أما قوله: إن هذه التقادير تفسير معنى لا تفسير إعراب؛ فالأمر كما قال وقد تقدم لنا نقل ذلك عن المصنف.
وأما قوله: إنه لا حاجة إليها؛ لأن تفسير الإعراب ينجر معه تفسير معنى «أو» فيقال في جوابه: إن تفسير المعنى هو الذي حقق لنا أمر الإعراب، ولولا أن يقال:
المعنى في: لألزمنك أو تقضيني ديني: لألزمنك إلى أن تقضيني ديني، وفي: لأقتلن الكافر أو يسلم: لأقتلن الكافر إلا أن يسلم؛ لما عرفنا توجيه النصب في الفعل الواقع بعد «أو»، فلما قيل لنا: إن «أو» بمعنى «إلى» في تركيب وبمعنى «إلا» في تركيب آخر علمنا أن «أن» مضمرة قطعا؛ لأن «لام» الجر لا تباشر الفعل، والمستثنى إنما يكون اسما، ثم بعد تقرير ذلك يرجع إلى تفسير الإعراب فقيل: إن «أن» مع الفعل بتقدير المصدر والمصدر لا يعطف على فعل فوجب تأويل ما قبل «أو» بمصدر أيضا ليصح العطف، فـ «أو» في مثل هذا التركيب - وهو الذي لم يقصد فيه تشريك الفعل الذي بعد «أو» في حكم الفعل الذي قبلها - الكلام فيها من جهتين: -
= لأحد الشيئين وقد عطفت مصدرا مؤولا على مصدر متوهم والتقدير: والتمس الغنى يكن لك عيش في يسار أو موت قبل إدراك اليسار فتعذر، وعلى هذا فلا يحتاج إلى تقدير «أو» بمعنى «كي» أو «إلى أن» أو «إلا أن» لأن ذلك يؤدي إلى فساد المعنى والبيت في المقرب (١/ ٢٦٣) وشرح الجمل لابن بابشاذ (رسالة) (ص ٣٠٦) وشرح الجمل لابن عصفور (٢/ ١٥٦).