للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال الشيخ بهاء الدين بن النحاس رحمه الله تعالى: قوله (١): وليس النصب بعد «الفاء» حتما في جميع ما ذكر بل يجوز معه غيره، فيه ركاكة؛ لأنه إذا أريد معنى السبب لا يجوز فيه إلا النصب، وإن أريد غيره مما يجوز أعرب على حسب ما يقتضيه المعنى المراد، قال: وأحسن من عبارته بكثير قول الزمخشري (٢): وليس بحتم أن ينصب الفعل في هذه المواضع، بل للعدول به إلى غير ذلك من معنى وجهة من الإعراب مساغ، فنبّه على أن اختلاف الإعراب إنما هو لاختلاف المعنى المقصود.

ثم قال الشيخ بهاء الدين: وإذا عرفت أنه لا بد وأن يتقدم هذه الحروف كلام فلا يخلو ما يتقدمها من أن يكون تامّا أو غير تام فإن كان غير تام نحو: ما زيد فيحدثنا قائم، لم يجز في ما بعد «الفاء» النصب أصلا لأن العطف على المعنى لا يجوز إلا بعد تمام الكلام ولم يتم الكلام هنا خلافا لمن قال من الكوفيين (٣) بجواز النصب على التقديم والتأخير.

وإن تم الكلام جملة قبل هذه الحروف وتأخر معمول لما قبلها عما بعدها نحو:

ما تأتينا فتحدثنا اليوم على أن يكون «اليوم» ظرفا لـ «تأتينا» فلا يجوز النصب أيضا عندنا؛ لما تقدم من أن النصب يؤدي إلى جعل ما قبل هذه الحروف في مكان مصدر لكون المعطوف عليه مصدرا، فكما لا يجوز الفصل بين المصدر وبعض معمولاته بأجنبي كذلك لا يجوز الفصل بين هذا الفعل وبعض معمولاته بالمعطوف الذي هو أجنبي منه لتنزله في المعنى منزلة المصدر المتوهم المعطوف عليه وإن كان قد أجاز النصب في مثل هذه المسألة أكثر أهل الكوفة.

فإن كانت الجملة التي قبل «الفاء» اسمية نحو: ما زيد قائم فيحدثنا، فأبو بكر (٤) وأكثر النحاة التزموا الرفع في ما بعد «الفاء»؛ لأن النصب يقتضي أن يتصيد من الجملة الأولى مصدر فيعطف عليه هذا المصدر، ولا دلالة في الجملة الاسمية على مصدر كدلالة الجملة الفعلية عليه. انتهى.

ولم أتحقق قوله: إن أكثر النحاة التزموا الرفع في ما بعد «الفاء» إن كانت الجملة التي قبل -


(١) انظر هذا النقل في ورقة رقم (٩٢) من كتاب بهاء الدين بن النحاس وهو المسمى بالتعليقة وهو تعليقه وشرحه لمقرب ابن عصفور وهو مخطوط بمكتبة الأزهر برقم (٤٩٤٧) (المغاربة).
(٢) انظر: المفصل (ص ٢٤٦).
(٣) انظر: التذييل (٦/ ٦٢٨)، والهمع (٢/ ١٢).
(٤) لعله ابن السراج، وانظر: التذييل (٦/ ٦٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>