للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فرضنا أنه ماض حقيقة فلا ردّ فيه على أبي إسحاق؛ لأنه كما قررنا قبل أنه إذا لم يمكن سبك مصدر مستقبل من الجملة سبكناه من لازم الجملة.

وقد حكى ابن كيسان نصب الفعل في جواب الاستفهام حيث الفعل المستفهم عنه محقق الوقوع نحو: أين ذهب زيد فنتبعه؟ وكذلك في: كم مالك فنعرفه؟

ومن أبوك فنكرمه؟ لكن يتخرج على ما سبق ذكره من أن التقدير: ليكن منك إعلام بذهاب زيد فاتباع منا، وليكن منك إعلام بأبيك فإكرام منا له. هذا آخر ما ذكره الشيخ وما نقله عن ابن المصنف.

وأقول: أما قول الشيخ: إن هذا الشرط الذي ذكره - يعني المصنف - لم يشترطه الجماعة (١) أي: المغاربة، فيقال له: قد تكون الجماعة استغنت عن اشتراطه بما أذكره وهو: أن المنصوب بعد «الفاء» في الطلب إنما هو مسبب عما قبله، ولا شك أن المسبب يترتب وجوده على وجود السبب، كما أن جواب الشرط يترتب وجوده على وجود الشرط، ولهذا إذا سقطت «الفاء» من نحو: أين بيتك فأزورك؟ والمعنى الذي كان مع وجود «الفاء» مراد بعد سقوطها وهو الترتب جزم الفعل الذي هو: أزورك، على أنه جواب لقولك: أين بيتك؟ ولا شك أن ترتب وجود أمر على وجود أمر آخر إنما يعقل بالنسبة إلى الاستقبال، وإذا كان الفعل [٥/ ١١٩] المستفهم عنه قد وقع فات المعنى المقصود من الترتب.

ثم إن قوله: إنه إذا تعذر سبك مصدر مما قبله إلى آخر كلامه، فإنما يقدر فيه مصدر مقدر استقباله مما يدل عليه

المعنى فتقدير قولك: لم ضربت زيدا فنضربك؟:

ليكن منك تعريف بسبب ضرب زيد فضرب منا، غير ظاهر؛ لأن معنى: ليكن منك تعريف بسبب ضرب زيد فضرب منا، ليس هو معنى: لم ضربت زيدا فنضربك؟، ثم إن تأويل: لم ضربت زيدا فنضربك؟ بقولنا: ليكن منك تعريف بسبب ضرب زيد فضرب منا - يلزم منه الاعتراف بما ذكره المصنف من أن شرط الاستفهام الذي ينصب جوابه بعد «الفاء» أن لا يتضمن وقوع الفعل، إذ لو لم يكن ذلك شرطا لما احتيج إلى التأويل.

وكذا قول بدر الدين في ما حكاه عن ابن كيسان في نحو: أين ذهب زيد -


(١) عبارة الشيخ: «وهذا الشرط الذي ذكره في الاستفهام لم أر أحدا من أصحابنا يشترطه».

<<  <  ج: ص:  >  >>