للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والمصدر لا يفصل بينه وبين معموله بشيء والصحيح أنه لا يجوز. انتهى.

وفي شرح الشيخ بعد ذكره المسألة (١): قال أبو بكر (٢): والصحيح أنه لا يجوز على هذا إزالة شيء عن موضعه.

ولنختم الكلام هنا بمسألة:

وهي: أنك قد عرفت أن النصب في نحو قولك: ما تأتينا فتحدثنا له معنيان:

أحدهما: أنك نفيت الإتيان والحديث معا.

والثاني: أنك قد أثبتّ الإتيان ونفيت الحديث.

تقرير الأول: أنك جعلت الإتيان سببا للحديث، ثم إنك نفيت الإتيان فانتفى الحديث؛ لأن انتفاء السبب يلزم منه انتفاء المسبب والمعنى: ما تأتينا فيكف تحدثنا؟ وعلى هذا يكون النفي جاريا على قياس أخواته من الأمر والنهي والدعاء والاستفهام والتمني والتحضيض والعرض؛ لأن هذه الأقسام السبعة ما قبل «الفاء» فيها سبب لما بعدها.

وتقرير الثاني: أنك لم تقصد إلى جعل الإتيان سببا للحديث، بل قصدت إلى معنى آخر وهو: إثبات الإتيان ونفي الحديث، والمعنى: ما تأتينا محدثا يعني: بل تأتينا غير محدث؛ فلم تقصد السببية في هذا المعنى الثاني بوجه؛ وعلى هذا لا ينبغي أن يطلق القول بأن «الفاء» في الأجوبة الثمانية إذا نصب الفعل بعدها كانت للسببية؛ لأن «الفاء» في هذه الصورة لا يجوز كونها سببية لأن ما بعدها منتف مع أن قبلها ثابت، فكيف يثبت السبب مع انتفاء مسببه؟ وإذا لم تكن السببية مقصودة تعين قصد المعنى الذي تقدمت الإشارة إليه وهو: إثبات الإتيان ونفي الحديث، وتحريره: أن مريد هذا المعنى قصد إلى نفي ترتب ما بعد «الفاء» على ما قبلها، فليس المقصود بمباشرة النفي فعل الإتيان نفي الإتيان بل المقصود به نفي ترتب ما بعد «الفاء» عليه؛ فالمعنى: ما يحصل منك إتيان يترتب [٥/ ١٢٢] عليه حديث، فالمنفي ترتب الحديث على الإتيان لا الإتيان.

فإن قيل: كيف جعلت في المعنى الأول سببا ثم إنك نفيت عنه السببية في المعنى الثاني؟

فالجواب: أن الإتيان ليس سببا عقليّا حتى يستنكر تخلف المسبب عنه، بل إنما هو سبب وضعي، فالمتكلم جعل الإتيان سببا للحديث، ومعنى جعله إياه سببا: أنه جعل -


(١) انظر: التذييل (٦/ ٦٢٣).
(٢) لعله ابن السراج.

<<  <  ج: ص:  >  >>