للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقد يجزم المعطوف على ما قرن بالفاء اللازم لسقوطها الجزم (١)، وهي الفاء الواقعة في جواب شرط أو طلب، أما الشرط: فلأنه إذا عطف على جوابه المقرون بالفاء مضارع فالوجه رفعه كقوله تعالى: وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ (٢)؛ لأن الكلام الذي بعد «الفاء» أجري مجراه في غير الجزاء، فحق ما عطف عليه أن يكون كذلك، ويجوز فيه النصب بإضمار «أن»، والجزم أيضا بالعطف على موضع «الفاء» كقراءة بعضهم (٣) من يضلل الله فلا هادى له ويذرهم في طغيانهم يعمهون (٤)، ونظّر سيبويه (٥) الجزم فيه بالنصب في قوله:

٣٨٩٢ - فلسنا بالجبال ولا الحديدا (٦)

وأما الطلب: فإذا عطف على جواب المقرون بـ «الفاء» مضارع كما في قوله: زرني فأزورك وأحسن عشرتك، فلك في المعطوف النصب على التشريك في عمل «أن» المضمرة، والرفع على الاستئناف، والجزم على توهم حذف الفاء، ومنه قراءة بعضهم (٧): -


- والشاهد فيه: نصب «يعقب» بـ «أن» مضمرة بعد «الفاء» الواقعة بعد الخبر المثبت وهو ضرورة، ويجوز أن يريد النون الخفيفة وهو أسهل في الضرورة، والبيت في الكتاب (٣/ ٣٩)، والتذييل (٦/ ٦٧١).
(١) في (جـ): «للجزم».
(٢) سورة البقرة: ٢٧١.
(٣) هي قراءة حمزة والكسائي. انظر: الكشف (١/ ٤٨٥)، والحجة لابن خالويه (ص ١٦٧).
(٤) سورة الأعراف: ١٨٦.
(٥) انظر: الكتاب (٣/ ٩١).
(٦) هذا عجز بيت من الوافر قيل لعقيبة الأسدي، الكتاب: (١/ ٦٧) وقيل لعبد الله بن الزبير الأسدي وصدره:
معاوي إننا بشر فأسجح
الشرح: معاوي مرخم معاوية، وأسجح: ارفق وسهل، يشكو إلى معاوية جور عماله.
والشاهد فيه قوله: «ولا الحديدا» حيث نصب عطفا عى موضع «بالجبال» لأن موضعه النصب خبر لـ «ليس» والباء حرف جر زائد، وقد ردّ على سيبويه رواية البيت بالنصب هذه؛ لأن البيت من قصيدة مجرورة معروفة، وبعده ما يدل على ذلك وهو قوله:
أكلتم أرضنا فجزرتمونا ... فهل من قائم أو من حصيد
قال الأعلم: «وسيبويه غير متهم رحمه الله فيما نقله عن العرب، ويجوز أن يكون البيت من قصيدة منصوبة غير هذه المعروفة، أو يكون الذي أنشده، رده إلى لغته فقبله منه سيبويه منصوبة، فيكون الاحتجاج بلغة المنشد لا بقول الشاعر». والبيت في الكتاب (١/ ٦٧)، والإنصاف (ص ٣٣٢) وابن يعيش (٢/ ١٠٩)، والمغني (ص ٤٧٧)، والخزانة (١/ ٣٤٣).
(٧) هي قراءة الجميع غير أبي عمرو فإنه قرأ بإثبات الواو والنصب، انظر: الحجة لابن خالويه (ص ٣٤٦) والكشف (٢/ ٣٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>