للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثانيها: ذهب سيبويه (١) وأصحابه إلى أن اللام دخلت هنا لإرادة المصدر، كأنه قيل: الإرادة للبيان وإرادتي لهذا.

قال (٢): وكلا المذهبين ضعيف، أما مذهب الفراء فمبناه على أن اللام عاملة النصب لوقوعها موقع «أن» وقد علم أن اللام حرف جر، وليس من شأنها أن ينصب بها، قال: وقد قال أبو إسحاق (٣): لو كانت اللام بمعنى «أن» لم يجز اجتماعها مع «كي» لأن «أن» لا تدخل على «كي»، وأما مذهب سيبويه فلوجهين:

أحدهما: أنه سبك مصدرا من غير حرف سابك مع الفعل.

والثاني: أنه لو كان كما ذهب إليه لجاز: ضربت لزيد على معنى: الضرب لزيد، وهذا لا يجوز.

ثالثها: القول بالزيادة، قال (٤): والصحيح أن اللام في هذين الفعلين كهي مع غيرهما من الأفعال، قال: وإنما حمل الفراء وسيبويه وابن المصنف على ما ذهبوا إليه كونهم لم يجدوا مفعولا لـ «أراد» فجعلوا ما دخلت عليه اللام منصبّا عليه الفعل السابق، فادعى الفراء أن اللام وقعت موقع «أن» ولا سيما وقد وجد ذلك مصرحا به في نحو: وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ (٥) ويُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا (٦) فتأول الحرف.

وسيبويه تأول الفعل بأن جعله بمعنى المصدر وأنه في موضع رفع بالابتداء، قال (٧): والذي نختاره ما اختاره بعض أصحابنا من أن مفعول «يريد» محذوف، ومتعلق «أمر» محذوف والتقدير: يريد الله ما يريد ليبين لكم، وأمرنا بما أمرنا لنسلم، وأما قوله تعالى: يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا، وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ فلا يتعين أن تكون «أن» والفعل متعلق الفعل السابق؛ إذ يحتمل أيضا حذف المفعول وأن «أن» مضمر قبلها حرف الجر؛ لأن حرف الجر يضمر قبلها كثيرا، والتقدير: يريدون ما يريدون من الكفر والمكر أن يطفئوا أي: ليطفئوا، فتكون إذ ذاك لام العلة، وكذلك وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ أي: أمرت بما أمرت أن أسلم أي: -


(١) قال في الكتاب (٣/ ١٦١): «وسألته - يعني الخليل - عن معنى قوله: أريد لأن أفعل، فقال:
إنما يريد أن يقول: إرادتي لهذا».
(٢) أي: أبو حيان.
(٣) انظر: معاني القرآن للزجاج (٢/ ٤٣).
(٤) أي: أبو حيان.
(٥) سورة غافر: ٦٦.
(٦) سورة التوبة: ٣٢.
(٧) أي: أبو حيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>