للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«المفتاح» (١) عاطفة (٢)، وليس بمرض؛ لأنه يجوز الاستغناء عنها وحرف العطف لا يستغنى عنه فإن قلت: إذا جاز الاستغناء عن وقوع «أي» بين المشتركين في الإعراب، فما الفائدة في ذكرها؟ قلت: الفائدة هي التنبيه على حاجة ما قبلها إلى التفسير، ورفع توهم كون التابع بدل غلط أو نسيان أو إضراب.

ويجوز الحكم على «أن» الصالحة للتفسير بكونها مصدرية فتقول: أشرت إليه أن أفعل، على معنى: أشرت إليه بالفعل، بدليل ظهور «الباء» في قولهم: أو عزت إليه بأن افعل، وإذا ولي «أن» هذه مضارع فإن كان مثبتا كقولك: أو حيت إليه أن يفعل، جاز رفعه على معنى: أي: ونصبه على جعل «أن» مصدرية، وإن كان بعد «لا» (٣) جاز جزمه على النهى وكون «أن» تفسيرية، ورفعه ونصبه على النفي ومعنى «أي»، أو كون «أن» مصدرية.

وزعم الكوفيون (٤) في «أن» أنها حرف مجازاة في مثل قوله:

٣٩٢١ - أتجزع أن أذنا قتيبة حزّتا ... جهارا ولم تجزع لقتل ابن مالك (٥)

لصحة وقوع «إن» موقعها كقولك: أتجزع إن أذنا قتيبة حزتا؟ والصحيح أنها مصدرية مقدر معها «اللام» كأنه قال: أتجزع لأن حزّت أذنا قتيبة؟

ولا تدل «أن» على نفي خلافا لبعضهم. انتهى كلامه رحمه الله تعالى. -


(١) هو كتاب «مفتاح العلم» وصاحبه هو: يوسف بن أبي بكر بن محمد بن علي أبو يعقوب السكاكي، إمام في النحو والتصريف والمعاني
والبيان وغيرها، وكتابه المذكور فيه اثنا عشر علما من علوم العربية. توفى بخوارزم سنة (٦٢٦ هـ). انظر: بغية الوعاة (٢/ ٣٦٤).
(٢) هذا مذهب الكوفيين. انظر: التذييل (٦/ ٧٠٠)، والمغني (ص ٧٦).
(٣) مثاله: أشرت إليه أن لا تفعل، انظر: التذييل (٦/ ٧٠١).
(٤) انظر: التذييل (٦/ ٧٠٢).
(٥) هذا البيت من الطويل قاله الفرزدق (٢/ ٣١١).
الشرح: قوله: أتجزع: يروى في مكانه أتغضب وقتيبة: هو ابن مسلم الباهلي، والحز: القطع،، والبيت من قصيدة طويلة للفرزدق يمدح فيها سليمان بن عبد الملك ويهجو جريرا.
والشاهد في قوله: «أن أذنا» حيث استدل الكوفيون على مجيء «أن» شرطية بمعنى «إن» وقد تأول الخليل ذلك على أنها الناصبة للفعل، وعلل ذلك بقوله: لأنه قبيح أن تفصل بين «أن» والفعل. انظر:
الكتاب (٣/ ١٦١)، والبيت في المغني (ص ٢٦)، والهمع (٢/ ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>