للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عنه، فالقائم مقامه حكمه حكمه، كيف والكوفيون ومن وافقهم من البصريين يدّعون أن المتقدم نفسه هو الجواب كما عرفت.

فإذا قال القائل: إن أعطيتك إن وعدّتك إن سألتني فعبدي حرّ، فلا يحصل العتق في هذه الصورة إلا بوقوع السؤال أولا ثم وقوع الوعد ثانيا ثم وقوع الإعطاء ثالثا، لأن التقدير: إن سألتني فإن وعدتك فإن أعطيتك فعبدي حر، وإذا تقرر أن الجواب للشرط الأول تعيّن أن يكون فعل الشرط في الثاني وكذا الثالث إن كان الثالث ماضيا لأن الجواب قد حذف منه أو منهما، وإذا كان الجواب محذوفا تعيّن مضىّ فعل الشرط على ما هو متقرر عند النحاة، نعم يجوز أن يرد في الشعر غير ماض لأنه محلّ ضرورة، ومنه قول الشاعر:

٤٠٦٥ - إن تستغيثوا بنا إن تذعروا تجدوا ... منّا معاقل عزّ زانها كرم (١)

لكن قد عرفت أن المصنف لم يجعل هذا البيت ضرورة لأن الشرط الثاني لا جواب له عنده وإنما هو مقيد للأول كما يكون مقيدا بحال واقعة موقعه والتقدير:

إن تستغيثوا بنا مذعورين، وعلى هذا إذا قيل: إن لبست إن ركبت فأنت حرّ كان معناه: إن لبست راكبا فأنت حر، قال بعض الفضلاء: «فهو - يعني المصنف - موافق للجمهور في اشتراط تأخير المقدم وتقدم المؤخر، لكن تخريجه يخالف تخريجهم» انتهى. وما قاله من أن المصنف [٥/ ١٦٨] موافق الجمهور في اشتراط تأخير المقدم وتقديم المؤخر، قد ينازع فيه فإن الركوب في قولنا: إن لبست إن ركبت، لو قارن اللبس وذلك بأن يقعا معا حصل مقصود المصنف، نعم المصنف لا يمنع تقديم المتأخر، أما أن يوجبه كما توجبه الجماعة فلا.

وإذا تقرر أن الشرط المذكور ثانيا هو في الوقوع أول، والمذكور أولا هو في الوقوع ثان، بطل أن يقال: إن توضأت إن صليت أتيت، لأن الوضوء لا يتسبب عن الصلاة، وصح أن يقال: إن صليت إن توضأت أتيت لأن الصلاة تتسبب عن الوضوء.

ثم إنك قد عرفت ما ذكره ابن عصفور عن الفراء السادة الفقهاء من المذهبين -


(١) سبق شرحه والتعليق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>