للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولم يظهر تقدير «فتأسّ» جوابا لقوله تعالى: إِنْ يَسْرِقْ (١) والظاهر أن يكون التقدير: فلا عجب أو نحو ذلك.

وأما قوله «إنه لا يجامع الجواب» فإن أراد به أنه قد أغنى عنه فقريب، وإن أراد أنه لا يجمع بينه وبين الجواب في الذكر فغير صحيح، إذ لو قيل في غير القرآن العزيز [٥/ ١٧٥] وإن يكذبوك فتسلّ فقد كذبت رسل من قبلك لم يكن ممتنعا.

وأما قول المصنف: «ولا ترد إن بمعنى إذ» فأشار به إلى أن «إن» حرف و «إذ» اسم وهو ظرف، وإذا كان كذلك فكيف يتفقان معنى؟ وأجاز الكوفيون ذلك مستدلين بقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ (٢) قالوا: لأن «إن» للتردد ولا

تردد لليهود، والمعنى: وإذ كنتم: في ريب (٣)، والجواب عن ذلك ما ذكره أصحاب علم «المعاني» فإنهم قالوا: «إنّ» «إن» قد تستعمل في مقام القطع بوقوع الشرط لنكتة وذكروا أمورا:

منها: التوبيخ على الشرط كقوله تعالى: أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ (٤) في من قرأ «إن» بالكسر (٥) فإن ذلك سيق لقصد التوبيخ والتجهيل في ارتكاب الإسراف، وتصوير أن الإسراف من العاقل في هذا المقام واجب الانتقاء، حقيق أن لا يكون ثبوته إلا على مجرد الفرض.

ومنها: التغليب، أي تغليب غير المتّصف بالشرط على المتصف به، ومثّلوا له بهذه الآية الشريفة أيضا، قالوا: وقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا (٦) يحتمل أن يكون للتوبيخ على الرّيبة لاشتمال المقام على ما يقلعها عن أصلها، ويحتمل أن يكون لتغليب غير المرتابين من المخاطبين على المرتابين منهم، فإنه كان منهم من يعرف الحق وإنما ينكر عنادا، قالوا: وكذا قوله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ فِي -


(١) سورة يوسف: ٧٧.
(٢) سورة البقرة: ٢٣.
(٣) انظر الإنصاف (ص ٦٣٢) مسألة رقم (٨٨) وانظر التذييل (٦/ ٩١٠).
(٤) سورة الزخرف: ٥.
(٥) في الكشف (٢/ ٢٥٥) «قرأ نافع وحمزة والكسائي بكسر أن وفتح الباقون»، وانظر الحجة لابن خالويه (ص ٣٢٠) والسبعة في القراءات (ص ٥٨٦).
(٦) سورة البقرة: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>