للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والثاني: أنه لو كان الفعل واقعا صفة للزم أن يعود منه ضمير على الموصوف ولا يحذف إلا قليلا ولم يوجد في جميع استعمالات «كلما» ضمير يعود على الموصوف، فدلّ على أن الفعل ليس بصفة، وإنما هو صلة «ما» و «ما» حرف فلا يعود عليها ضمير، قال: وإنما غلّط الأستاذ أبا الحسن في ذلك أنه رأى أن ما بعد «كلّما» هو شرط دخلت عليه «الفاء»، فإذا نصب «كلّما» فما بعد الشرط لا يعمل فيما قبله فعدل إلى وجوب الرفع في «كلّما» فرارا من عامل النصب فيها وقد ذكرنا أنه محذوف لدلالة جواب الشرط عليه، قال (١): وأيضا قد تقرر عند الجمهور (٢) أن الخبر عن الموصول أو الموصوف بشروطه، شرط دخول الفاء عليه أن يكون مستحقّا بالصلة أو الصفة، وهذه الجملة الواقعة خبرا لـ «كلّما» إذا رفعت «كلما» هي شرطية، فليست مستحقة بالصلة ولا الصفة، بل المستحق إنما هو قوله: فأنت طالق أو فعبد من عبيدي حرّ، وهذا جواب للشرط لا خبر عن المبتدأ، إلا أن يقال: ما كان مستحقّا بشيء ومترتبا عليه جعل كأنه مستحق بما قبله، وهذا كله ضعيف.

ثم ذكر (٣) عن صاحب «البسيط» أنه قال: كلّما» تأتيني أكرمتك، على رأي سيبويه (٤) «ما» مصدرية بمنزلة: ما تدوم لي أدوم لك، ومقصود بها الحين أي:

أزمان إتيانك أكرمك، ثم أدخلت «كلا» على المصدر بتأويل الزمان فاكتسب منها الزمان، فانتصب على ذلك، فحينئذ لا تكون شرطية، ومعناها: أزمان دوامك كلها أدوم لك، وقد قيل: إنها شرطية بمنزلة «لما» مع الماضي، وقيل: هي «كل» المتضمنة للشرط وأصلها: كل مضافة إلى اسم موصوف بمعنى: الأزمان كأنه قال:

كلّ زمن تأتيني فيه أكرمك، والأول باطل لوجود معنى الكلية فيها فلا تكون بمنزلة «لما»، ويبطل الثاني أنه لزم طريقة الفعلية، ولو كان بمنزلة كلّ رجل يأتيني لجاز كون الجواب فيها بالجملة الاسمية والفاء، ولا تكون ذلك لبقاء «كلما» بلا عامل، وأيضا لجاز رفعها على الابتداء كما في [كلّ] رجل يأتيني له درهم، ولا تدخل «كل» هذه على

«ما» الشرطية في قولك: ما تفعل أفعل، لأنها تدل أيضا على -


(١) أي الشيخ أبو حيان.
(٢) انظر الهمع (١/ ١٠٩، ١١٠) والأشموني (١/ ٢٢٣ - ٢٢٥).
(٣) أي الشيخ أبو حيان.
(٤) انظر الكتاب (٣/ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>