للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على وجوده، فـ «لو» إنما أتي بها لذلك، أما كون الثاني يوجد بدون الأول أو لا يوجد فلا مدخل لـ «لو» فيه.

وبعد فقد قال بدر الدين: وإن قول من قال: لو تدل على امتناع الثاني لامتناع الأول يستقيم على وجهين:

أحدهما: أن يكون مرادهم أن جواب «لو» ممتنع لامتناع الشرط في عرف اللغة لا في حكم الفعل إلى آخر ما قرره.

ثانيهما: أن يكون مرادهم أن جواب «لو» ممتنع لامتناع شرطه وقد يكون ثابتا لثبوت غيره، لأنها إذا كانت تقتضي نفي تاليها واستلزامه لتاليه فقد دلّت على امتناع الثاني لامتناع الأول، لأنه متى انتفى شيء انتفى مساويه في اللزوم مع احتمال أن يكون ثابتا لثبوت أمر فيصح إذن أن يقال: لو حرف يدل على امتناع الثاني لامتناع الأول، لأنه لا يقتضى كونها تدل على امتناع الجواب على كل تقدير، بل على امتناعه لامتناع الشرط المذكور مع احتمال كونه ثابتا لثبوت أمر آخر وغير ثابت، لأن امتناع الشيء لامتناع علة لا ينافي ثبوته لثبوت علّة أخرى، ولا انتفاءه لانتفاء جميع علله» انتهى (١).

وأقول: إن الذي ذكره في الوجه الثاني حسن، ولكن لم يتجه لي عليه معنى الآية الشريفة وهي قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ (٢) لأن مقتضى ما قرره أن يكون امتناع عدم النفاد يوجد لامتناع كون ما في الأرض من شجرة أقلام، وكون البحر يمده من بعده سبعة أبحر، ويلزم من امتناع عدم النفاد وجود النفاد لأن امتناع عدم الشيء يلزم منه وجود ذلك الشيء والأمر بخلاف ذلك.

وقد ذكر ابن الضائع لقول من قال: إنها للامتناع توجيها حسنا من جهة أنه خاصّ لا عامّ، فقال (٣): «ليس قولهم في الامتناع خطأ بل له وجه صحيح وذلك أن «لو» في أصل وضعها كما زعم سيبويه - يعني أنها حرف لما كان سيقع لوقوع غيره، قال: فلم يقع لأن سببه لم يقع أيضا فلا [٥/ ١٨٢] خلاف بين كلام سيبويه وكلام من قال بالامتناع، وإجماع النحويين أو أكثرهم على أخذ الامتناع فيها دليل -


(١) انظر شرح التسهيل (٤/ ٩٥، ٩٦).
(٢) سورة لقمان: ٢٧.
(٣) انظر التذييل (٦/ ٩٣٥، ٩٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>