الثاني: أن لحاقها الكلمة جائز لا واجب، فلك مع قصد الإنكار أن لا تلحق وهذا يحقق لك أن الإنكار إنما يستفاد من الهمزة.
الثالث: أنها إذا لحقت فإنما تلحق المحكي في الغالب، فأفاد ذلك أنها قد تلحق غير المحكي؛ لكن ذلك قليل.
وإذ قد علم هذا فلنرجع إلى شرح ألفاظ الكتاب.
فقوله: إن سأل بالهمزة - قد عرف اشتراط ذلك، أعني تقدم الهمزة.
وقوله: عن مذكور - إعلام بأنه لا بد أن يسبق في كلام المتكلم الكلمة التي تلحقها المدّة المذكورة، فلو لم يتقدم ذكر لم تلحق العلامة، كما لو أنكرت ابتداء ضرب عمرو مثلا لقلت: أضربت عمرا؟ دون إلحاق.
وقوله: منكر اعتقاد كونه على ما ذكر أو بخلافه - قد تقدم بيانه بما ذكره في شرح الكافية حيث قال: إن له معنيين أحدهما: إنكار أن يكون الأمر على ما ذكر المخاطب، والثاني: إنكار أن يكون على خلاف ما ذكر. ومثّل للثاني بقول بعض العرب، وقد قيل له: أتخرج إن أخصبت البادية؟: أأنا إنيه؟ منكرا لرأيه أن يكون على خلاف أن يخرج،
المعنى: كيف لا أخرج إن أخصبت البادية؟
والذي فهمته أنه منكر على نفسه أن لا يخرج؛ حيث اقتضى استفهام المتكلم أن المخاطب بالاستفهام يستوي عنده الأمران، أو أنه قد لا يخرج، فلما اقتضى كلام المتكلم ذلك أنكر المخاطب ذلك على نفسه، كأنه يقصد بذلك الرد على ما توهمه المستفهم، والشيخ جعله منكرا لرأي المتكلم أن يكون على خلاف الخروج.
قال (١): «كأنه قال: كيف لا أخرج إن أخصبت البادية؟ فأنكر كونه استفهم عن شيء لا ينبغي أن يستفهم عنه؛ لأنه لا بد من وقوعه».
وما قاله الشيخ ليس ببعيد، والأمر في ذلك قريب؛ إذ المراد حصول الإنكار في الجملة كائنا على من يكون. -