للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

٤١٨٣ - ديار الّتي كانت ونحن على منى ... تحلّ بنا لولا نجاء الرّكائب (١)

أي كما زل المتنزل بالصفواء، ويحل بها، ثم قلت: لفهم المعنى، وسيبويه والأكثرون يذهبون إلى أن الباء بمنزلة الهمزة والتقدير: ما إن مفاتحه لتنيء العصبة أي: تجعلها تنهض بثقل، وكذلك كما أزلت الصفواء المتنزل وتحلنا، وجعلوا هذا كله بمنزلة: تكلم فلان فما سقط بحرف، المعنى: فما أسقط حرفا.

وعلى الجملة قد اتفق النحويون على صحة القلب واستقراره في كلام العرب، وإنما وقع اختلافهم في حزبيات: يذهب واحد إلى القلب، ويذهب آخر إلى غيره لما يترجح عنده، فجاء كلام النحويين في هذا على القلب الثابت من كلامهم، فيكون مرادهم بقولهم: أخبر عن زيد بالذي: أخبر عن الذي بزيد، ومنهم من قال: هذا على وضع حرف مكان حرف، التقدير: أخبر عن الذي بزيد، فوضع «عن» موضع «الباء» ووضع «الباء» موضع «عن»، وقد جاء قوله تعالى: فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً (٢) أي: عنه، وقالوا: رميت عن القوس أي: بالقوس، والتأويل الأول عندي أقرب، لأن البصريين لا يرون هذا الثاني (٣)، وقيل: لما كان المعنى واحدا تسامحوا في الجواب والسؤال، ألا ترى أنك إذا قلت: الذي قام زيد، وزيد الذي قام - لم يكن بينهما فرق في المعنى.

وكان الأستاذ أبو علي (٤) يذهب إلى أن معنى: أخبر عن زيد بالذي: أخبر عن زيد معبرا عنه بالذي، لأنك حين قلت: الذي قام زيد كأنك قلت: زيد قام ويقع على زيد «الذي»، فقد عبّرت عن الشخص المسمى بزيد بالذي قام، وجعل هذا -


(١) البيت من الطويل وهو لقيس بن الخطيم في ديوانه (ص ٧٧)، ومنى موضع بمكة، وتحل بنا أي:
تجعلنا نحل، والركائب: جماعة العير التي تأتي أهلها بالطعام.
واستشهد به على أن قوله: «تحل بنا» على القلب أي: يحل بها، والبيت في اللسان (حلل).
وفي اللسان (حلل): «وأحلّه المكان وأحلّه به وحلله به وحل به: جعله يحل، عاقبت الباء الهمزة».
(٢) سورة الفرقان: ٥٩.
(٣) مذهب البصريين أن أحرف الجر لا ينوب بعضها عن بعض بقياس كما أن أحرف الجزم وأحرف النصب كذلك، ومذهب الكوفيين وبعض المتأخرين جواز ذلك.
انظر المغني (ص ١١١)، وشبه الجملة واستعمالاتها في القرآن الكريم (رسالة) (ص ٢٨٨).
(٤) أي الشلوبين.

<<  <  ج: ص:  >  >>