للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الثانية:

أن فعيلا يجيء بمعنى مفعل وبمعنى مفعل أما مجيئه بمعنى مفعل، فنحو: أعقدت العسل فهو عقيد أي معقد، وتقدمت له الإشارة إلى ذلك في الباب المذكور أيضا، وأما مجيئه بمعنى مفعل فقد قال إنه قليل، وذلك نحو: سميع بمعنى مسمع، قال الشاعر:

٤١٩٤ - أمن ريحانة الدّاعي السّميع ... يؤرقني وأصحابي هجوع (١)

[٥/ ٢٣٦] ومنه عذاب أليم بمعنى مؤلم، وأما مجيئه بمعنى مفاعل، فقد قال:

إنه كثير.

وذلك نحو جليس وقعيد وخليط بمعنى مجالس، ومقاعد، ومخالط.

المسألة الثالثة:

أن المؤنث قد يذكر والمذكر قد يؤنث أي يستعمل كلاهما استعمال الآخر حملا على المعنى، فمن تذكير المؤنث قولهم: ثلاثة أنفس، وذلك لمراعاة المعنى فكأنه قال: ثلاثة أشخاص، ومن تأنيث المذكر قولهم: «جاءته كتابي» فاحتقرها حملا للكتاب على معنى الصحيفة، قال ومنه يعني، ومن التأنيث حملا على المعنى، تأنيث المخبر عنه لتأنيث الخبر، وذلك نحو قوله تعالى: ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا (٢) في قراءة من قرأ لم قرأ (لم تكن) بالتاء أنث المصدر المنسبك من أن والفعل وهو المخبر عنه؛ لأنه اسم يكن لتأنيث الخبر وهو فتنتهم، وكذلك قوله تعالى:

قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً (٣) في قراءة لمن قرأ (إلا أن تكون) بالتاء، فإن في تكون اسمها وهو ضمير مذكر يعود على قوله: مَيْتَةً فأنث لتأنيث خبره وهو ميتة.


(١) البيت من بحر الوافر وهو مطلع قصيدة لعمرو بن معديكرب (من المخضرمين) الذي منه هذا البيت المشهور وهو قوله.
إذا لم تستطع شيئا فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع
وهو شاهد لمجيء صيغة فعيل بمعنى مفعل، أي: سميع بمعنى مسمع، وريحانة مطلقته. وانظر البيت في الأمالي الشجرية: (١/ ٦٤) واللسان (سمع) وديوانه (ص ١٢٨).
(٢) سورة الأنعام: ٢٣. والقراءة المذكورة (تأنيث الفعل ونصب فتنة) هي قراءة نافع وأبي عمرو من السبعة وأبي جعفر من المبسوط (ص ١٦٧)، والنشر (٢/ ٢٥٧).
(٣) سورة الأنعام: ١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>